من الأرشيف العمالي : لا توجد بطالة في سورية
إن الليبرالية الجديدة في سورية تتجاهل حتى أكذوبة الليبرالية الجديدة في البلدان الصناعية التي تؤكد وجود معدلات طبيعية للبطالة، وتعمل على إخفاء معطياته وأبعاده. هذه الليبرالية التي عملت في الظل لفترة من أجل تمرير سياساتها في ظل التوازنات الجديدة في العالم عبر الضغط الخارجي السياسي، لتؤسس لها قاعدة وموطئ قدم
وكذلك تحت إشراف سياسات الحكومات السورية المتعاقبة التي عملت على التخلي عن أي دور للدولة وبشكل معلن من أجل تلك السياسات الليبرالية التي تأكل الأخضر واليابس مروراً بتقويض القرار السياسي وصولاً إلى ضرب بنية الدولة بتصفية الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني كالقطاع العام وإعطاء الدور الكبير للقطاع الخاص الناهب والمتمركز بأيدي قلة من ممثلي قوى السوق والسوء. ولابد هنا من ذكر انخفاض معدل النمو الاقتصادي عن النمو السكاني:
النمو الاقتصادي: إن نسب النمو الآخذة بالانحدار في الدخل الوطني منذ العقود الماضية نتيجة توقف المساعدات العربية، وارتفاع أسعار النفط ونقص التحويلات التي كان يقوم بها العمال السوريون المهاجرون، أدى إلى عجز في الموازنة العامة، مما أثر سلباً على التنمية الحقيقية، فاتبعت الحكومة عام 1986 برامج إصلاحية لتقليص العجز في الموازنة العامة والسحب التدريجي لدور الدولة، وإطلاق يد القطاع الخاص، فكانت النتيجة نمواً سلبياً 0.54% مقارنة مع الناتج الإجمالي المحلي لعام 1980، فتراجع معدل الاستثمار إلى الحدود الدنيا 15% من الناتج المحلي 1988 و19.77% عام 1990. فقامت الدولة بإصدار قانون الاستثمار رقم 10 القاضي بإعطاء التسهيلات والإعفاءات الضريبية بحجة زيادة حجم الاستثمارات سواءً من الخارج أو من القطاع الخاص المحلي، فكانت النتيجة زيادة حجم الاستثمارات خلال بداية التسعينيات ثم انخفاضها حتى عام 2002. وقد ترافق ذلك بانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، وبذلك غابت المسؤولية الحكومية تجاه التنمية عند الاعتماد على القطاع الخاص.
ومن الملاحظ زيادة معدل النمو السكاني وقوة العمل أكثر من زيادة معدل النمو الاقتصادي، فالبطالة تنتج عن ركود اقتصادي في المجتمع فيه زيادات كبيرة في القوة البشرية، ولم يقابلها توسع مناسب في حجم الاقتصاد الوطني. إن نمواً بهذا الحجم لا يمكن إلا أن يراكم من مشكلة البطالة، وذلك من خلال عدم قدرته على تأمين فرص العمل الضرورية لليد العاملة الجديدة التي تدخل سوق العمل سنوياً، والتي هي بحدود (200) ألف شخص، ومن هذه النسبة لا يجري امتصاص إلا ربعها في أحسن الأحوال، وغني عن البيان أن تراكم نسب البطالة خلال فترة زمنية لاحقة سيزيد من نسبة البطالة التي وصل حجمها اليوم إلى (20%) من قوة العمل ولابد من إيجاد الحلول الحقيقية لمعالجة الفقر والبطالة.
قاسيون العدد 238 كانون الثاني 2005