الدور التاريخي للشيوعيين في العمل النقابي

الدور التاريخي للشيوعيين في العمل النقابي

كانت بداية نشوء وتكوَّن اللبنات الأولى للنقابات العمالية في مختلف المدن السورية بين عامي 1919_1920، ومنها نقابة عمال الطباعة ونقابة عمال التبغ والتنباك، ومع تأسيس الحزب الشيوعي السوري في 1924 قرر المؤسسون الأوائل تقوية نشاط الحزب لتكوين نقابات عمالية، ودعم تأثيره فيها من أجل توحيد جهود العمال وجماهيرهم، وجذبها بشكل أوسع

وفي نهاية 1925 كانت الانطلاقة لصدور العدد الأول من جريدة(العمال) لسان حال الحزب الشيوعي السوري نشر فيه نداء موجه إلى عمال سورية يدعوهم فيها إلى تكوين لجنة من أجل تأسيس نقابات عمالية على أساس الفروع والأقسام، وقد تكونت هذه اللجنة، وتم وضع برنامج ونظام داخلي للنقابات، والذي بموجبه قُبِلَ العمال والفلاحون من فروع معينة في الصناعة.

 أما في الأماكن التي لم يتح فيها تكوين نقابات دائمة قام الحزب الشيوعي بتأسيس اتحادات مؤقتة أثناء فترة الاضطرابات بهدف تقديم مطالب اقتصادية، وأحياناً المشاركة بأسماء «حركية» تحسباً للاعتقال، مثالها عندما تأسست نقابة عمال الأقمشة (التريكو) والجلود في دمشق عام 1925غير أن السلطات الفرنسية سرعان ما لاحقت منظمي النقابات، و اضطهدتهم،  وقد تم تشريد أعضاء لجنة تأسيس النقابات واعتقل قادتها، وفي عام 1926 أصدر المفوض الفرنسي أمراً بحظر الدعاية الشيوعية وفرض العقوبات بحق كل من يقوم بنشاط شيوعي، وقد تم اعتقال العديد من الشيوعيين ومحاكمتهم عبر محاكم غير اعتيادية، ولكن موجة الاحتجاج العارمة التي نظمها الحزب الشيوعي الفرنسي، والرأُي العام العالمي التقدمي دفاعاً عن المعتقلين السياسيين في سورية أجُبرت السلطات الفرنسية على استبدال حكم الإعدام بالنفي، وقد تم نفي الشيوعيين إلى جزيرة أرواد وصحراء الرقة والمناطق النائية الأخرى من البلاد، حيث رافق الاضطهاد بحق الحزب الشيوعي تراجع عام لحركة التحرر الوطني في سورية. 

كما أشارت الثورة السورية الكبرى 1925_1927ببدء عملية التراجع، وامتلأت السجون والمنافي بالمناضلين من أجل التحرر الوطني، وفي هذا الوقت ظهر كراس(النقابات العمالية) للشيوعي فؤاد شمالي، وقد كتبه أثناء وجوده في السجن في جزيرة أرواد، متناولاً موضوع ميلاد المنظمات العمالية الأولى في سورية ولبنان ونشاط الشيوعيين، وتحدث فؤاد شمالي عن ضرورة الكفاح من أجل وحدة صفوف الطبقة العاملة، وتأسيس النقابات العمالية والكفاح من أجل وحدة أعمال ونضال النقابات، ولتحقيق هذا الهدف طالب بتوحيد النقابات في اتحاد موحد، كما تحدث فؤاد شمالي عن الدور الكبير الذي تقوم به النقابات في مجال تنظيم وتكاتف الطبقة العاملة، وفي مجال نضالها من أجل الحقوق الاقتصادية، وتدريبها على خوض النضال السياسي، وقد لعب هذا الكراس دوره الإيجابي في مجال تطوير الحركة العمالية.