بوثيقة رسمية.. فقدان مليوني عامل فرص عملهم
يبدو أن ما كان يتوقعه ويتمناه العمال في القطاعين العام والخاص مع القائمين والعاملين في الصناعة السورية بجميع قطاعاتها، بأن يكون العام 2013 نهاية مأساة هذا القطاع الصناعي الذي كان عماد الاقتصاد الوطني خلال العقود الماضية، لكن الأماني لم تتحقق، لعدم القدرة على إعادة تشغيل المعامل من جديد بسبب ظروف الحرب المستمرة والمتنقلة، وصعوبة وصول العاملين إليها وحجم الدمار والخراب والسرقة والنهب الذي أصاب العديد منها والاحتياجات المالية الكبيرة لإعادة تشغيلها
لقد كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الصناعة عن فقدان ما يزيد عن مليوني عاملٍ فرصَ عملهم في القطاع الخاص الأمر الذي أدى إلى زيادة معدل البطالة؛ مبيّنة أنه نجم عن هذه الصعوبات ارتفاع الأسعار ونقص المنتجات، وتراجع الصادرات، مما أدى إلى استيراد المنتجات البديلة، وهجرة الرساميل وبعض الصناعيين والمعامل كلياً أو جزئياً إلى العديد من البلدان المجاورة؛ حيث شكلت الأضرار التي لحقت بالصناعة السورية جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية والاستهداف الممنهج لمنشآتها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي لم تتوانَ أيضاً عن سرقة ونهب آلاتها وموادها الأولية ومنتجاتها واستهداف عمالها وكوادرها الذين دفعوا دمهم في حمايتها، وذلك في سبيل تعطيلها باعتبارها قاطرة النمو في سورية عنواناً عريضاً للعام الماضي، برزت نتائج ذلك في قلة المنتجات الصناعية التي كانت تغذي السوق المحلية وتسدّ احتياجات المواطنين.
وأكدت الوثيقة التي جاءت على نمط مذكرة أن الصعوبات التي تواجهها الصناعة السورية بشكل عام والقطاع العام منها على وجه التحديد تَمثّل بخروج منشآت صناعية عن الإنتاج بسبب أعمال التخريب وانقطاع الطرقات الذي أدى إلى عدم إمكانية وصول العمال وتأمين المواد الأولية، وتوقف العمل بالمشاريع المباشر بها بسبب مغادرة الخبراء مواقع العمل كمشروع حديد حماة، ومشروع زجاج الفلوت وغيرها، وعدم متابعة المستثمرين المحليين وغير المحليين تنفيذ المشاريع المرخصة والمباشر بها، وفقدان بعض المواد الأولية ونصف المصنعة التي كانت تنتج محلياً بسبب وجود المصانع المنتجة لهذه المواد في مناطق ساخنة، بالإضافة إلى النقص في حوامل الطاقة كالغاز والفيول والكهرباء والمازوت وارتفاع قيمتها وانقطاعها بأوقات غير منتظمة وبشكل متكرر مما أثر سلباً على الوضع الفني للمعامل وارتفاع تكلفة المنتج الأمر الذي انعكس في الريعية الاقتصادية على المعامل وبخاصة معامل الأسمدة والأسمنت وزيادة التكاليف المادية المترتبة على الصناعيين نتيجة اضطرارهم لنقل مكان عملهم إلى مناطق جديدة آمنة.
وتلافياً لكل ما خسرته، أو التقليل من حجم الخسائر على العمال والصناعة معاً دعت الوزارة في وثيقتها المرفوعة للحكومة إلى تأمين تمويل المستوردات عن طريق مصرف سورية المركزي وتشجيع تأسيس مصارف التمويل الاستثماري المتناهي الصغر لخلق فرص العمل في المناطق الريفية والنائية للقضاء على جزء من البطالة، ووضع ضوابط على المستوردات التي لها مثيل بالإنتاج المحلي، والإسراع في إحداث المؤسسات الداعمة للقطاع الصناعي وتأسيس حاضنات صناعية، وتشجيع إقامة شركات متخصصة لتسويق المنتجات الوطنية وتطبيق خطة مبتكرة للتشبيك الصناعي تتمثل في إقامة منشآت التصنيع الغذائي الزراعي، وتوطين صناعة السيارات وصناعة الآلات التي تعتبر العمود الفقري لكافة الصناعات الأخرى وتكثيف الاستثمار في المعلوماتية والبرمجيات وشبكة الاتصالات وتقاناتها، ووضع تصورات وفق أولويات محددة لبرامج التعاون الفني التي تحتاجها عملية إعادة بناء وتأهيل الصناعة السورية بشكلٍ منسق ومتكامل مع الجهات المعنية الداخلية لطرحها على الدول المانحة والمنظمات العربية والإقليمية والدولية المختصة.
نشاطر الوزارة رأيها ونؤكد معها القول إن تنفيذ بعض مقترحاتها تحتاج إلى بعض الوقت، وخاصة ما يتعلق منها بزوال الأزمة إلا أن المطلوب من الحكومة «فوراً» ومن منطلق الحرص على قاطرة نمو الاقتصاد الوطني دراسة هذه المقترحات، وتنفيذ الممكن منها بتعاون جميع الوزارات لتنفيذها، ما يؤسس فعلاً لصناعة وطنية، وتخفيف الأعباء وحل بعض مشكلات صناعتنا الوطنية، فهل تفعلها الحكومة لمصلحة العامل والصناعة والوطن أولاً وأخيراً؟!.