من الأرشيف العمالي : المدّ المطلوب لتحقيق النجاح
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : المدّ المطلوب لتحقيق النجاح

لقد أثبتت التجارب أن الشرط الضروري لأي نجاح في مجال الإصلاح الاقتصادي هو تلبية مصالح أكثرية الناس، والاعتماد عليهم بالدرجة الأولى في عملية التنفيذ نفسها، إذ أن بقاء الأمر محصوراً بجهاز الدولة فقط محفوف بمخاطر جدية. فالحياة تؤكد أن أي جهاز دولة لديه ميل دائم لتحقيق مصالحه الخاصة، وعلى حساب المجتمع

وخاصة إذا كان خارج إطار الرقابة الصارمة للمجتمع التي لا يمكن أن يوفرها إلا التوسع المضطرد للديمقراطية فيه. لقد أصبح السير السريع في طريق حل القضايا الاجتماعية الاقتصادية واجباً تمليه المصلحة الوطنية العليا، مصلحة استمرارية مقاومة بلادنا للمخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وخاصة بعد التهديدات الأخيرة في الخطاب الإرهابي للرئيس الأمريكي، وهو أمر لا يمكن تحقيقه أصلاً دون الاعتماد على الجماهير الشعبية الواسعة. إن حل هذه القضايا أصبح غير ممكن بل مستحيلاً بالاعتماد على جهاز الدولة الإداري فقط، والذي استشرى فيه الفساد إلى حد كبير لدرجة أصبحت لا تنفع فيه أي وسيلة زجرية بل العكس هو الصحيح، فالقسم المتنفّذ فيه قادر مع التطبيل والتزمير لأية سياسة معلنة، على عرقلتها ومنع تنفيذها على أرض الواقع، بل تنفيذ نقيضها إذا كانت لا تتناسب مع مصالحه الخاصة المتناقضة مع مصلحة المجتمع. ويمكن القول أيضاً إن حل هذا التناقض إيجابياً بالاعتماد على القوى النظيفة في جهاز الدولة الإداري غير ممكن دون الاعتماد على حركة نشيطة في المجتمع تدعم هذا الاتجاه وتعطيه المطلوب لتحقيق نجاحه. إن منطق معالجة هذا الموضوع (من جوا لجوا) أثبت عدم فعاليته على أرض الواقع، بل إنه اليوم يعطي الوقت والفرصة للقوى الفاسدة في جهاز الدولة لإعادة تنظيم صفوفها وإعادة النظر بآليات عملها باتجاه تكييفها وتطويرها لتتناسب مع الظروف الجديدة. إن توسيع الديمقراطية في المجتمع اليوم هو الضمانة الرئيسية لتحقيق أي نجاح لأي خطوة إصلاحية، وهذا التوسع له عنوانيه الأساسية وهي: إصدار قانون الأحزاب، تفعيل قانون المطبوعات، إعادة النظر بنظام انتخابات مجلس الشعب، رفع الأحكام العرفية، حل قضية المعتقلين السياسيين.

قاسيون العدد 178 حزيران 2002

آخر تعديل على الثلاثاء, 30 تموز/يوليو 2013 09:36