الحلقة الأساسية!
ينطوي المشهد الراهن على درجة عالية من التداخل والتشويش بعضه انعكاس لتناقضات الواقع، وهي سمات ملازمة لأزمات بهذا العمق، حيث يتداخل المحلي بالإقليمي بالدولي وبعضه «تشويش» مصنّع بقوة الماكينة الإعلامية، بعد ما أضاف دجالو الإعلام من نفاق وتبرير وذرائعية بحيث يبدو وكأن الباب مغلق نهائياً على أي حل،
وبغض النظر عن السبب أو الأسباب فأن هذه اللوحة الضبابية تساهم في إشاعة أجواء اليأس والإحباط في الأوساط الشعبية وبالتالي المزيد من التطرف بمختلف صنوفه، الذي يتم التعبير عنه بأشكال مختلفة.
في مختلف العلوم ومنها علم الاجتماع السياسي لاتوجد مشكلة دون حل، فأية مشكلة تعترض البشر فإنما تحمل معها بذورالحلّ أيضاً، وكون البشر لايعرفون حل المشكلة لايعني أن الحل غير ممكن، بل يكمن تفسيرذلك بان المعنيين إما أن مستواهم المعرفي لايسمح لهم بمعرفته، أو أن مصلحة البعض الآخر أصلاً تتطلب تغييب الحل.
تحاول قوى مختلفة في سياق الصراع القائم تغييب الحل الحقيقي بأساليب مختلفة من خلال التركيز على ما هو جزئي أو ما هو متعلق بجانب واحد من جوانب الأزمة، واعتبارأن الأزمة تقتصر على هذا الجانب أو ذاك دون غيره من الجوانب المتعلقة او المتداخلة او المتشابكة.
إن المطلوب من النخب السياسية والإعلامية الوطنية أمام ظاهرة على هذا المستوى من التعقيد هو الإمساك بالحلقة الأساسية، ومعرفتها والانطلاق منها باعتبار أن معرفة هذه الحلقة هي الخطوة الأولى نحو الحل الحقيقي، وباعتبار أن هذه الحلقة هي العقدة التي بفكها سيتم فتح الباب على حل جميع القضايا الفرعية والجزئية.
لقد أكد العديد من النخب الوطنية السورية ومنذ بداية الأزمة على أن الحل السياسي هو الممر الوحيد للحفاظ على سورية ضمن المعطيات القائمة، وعملوا على هذا الأساس، ومع كل تعقيد جديد في الأزمة تتأكد بالملموس صحة هذا الرأي وهذا الخيار الذي استند إلى معرفة بالاستحقاقات التاريخية التي تفرضها الضرورة من جهة، والممكن الذي يسمح به توازن القوى من جهة أخرى.