المعرفة كفعل سياسي
«إن إنتاج المعرفة فعل سياسي بامتياز، وإن الأكاديميين ليسوا بمعزل عن الواقع الاجتماعي، كما أنّ مفهومي حرية التعبير والحوار لا يمكن فصلهما عن علاقات القوة البنيوية، ولا استخدامهما لتبرير إشراك مؤسسات وأصوات متورطة في عنف الدولة الممنهج والجماعي».
هذا ما أكدته «مجموعة علماء الاجتماع من أجل فلسطين» (GS4P) في بيان لها أشادت فيه بنجاح حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية «لإسرائيل» من أجل العدالة في فلسطين، خلال «منتدى الجمعية الدولية لعلم الاجتماع» الذي انعقد في الرباط في المغرب.
ثمة محاولة لفصل المعرفة فصلاً تعسفياً عن السياقات الاجتماعية والسياسية والتاريخية وتحولاتها، وإظهار المعرفة وإنتاجها كحالة منعزلة عن حركة التاريخ والمجتمع وذلك بهدف إفقادها الدور الوظيفي الهام الذي يمكن أن تلعبه ضمن هذه السياقات.
وغالباً ما يروج لهذه العملية إعلامياً «الإعلام الغربي خاصة»، فيتم إظهار المعرفة بصورة تبدو فيها وكأنها حيادية ليس لها شأن بالمتغيرات المتسارعة الحاصلة في العالم، رغم صعوبة هذا الأمر خاصة في العلوم الاجتماعية والإنسانية. ولكن الحقائق تفرض نفسها كما الواقع.
في بيانها أكدت «مجموعة علماء الاجتماع من أجل فلسطين» على أنّه «على الصعيد الدولي، تمثّل حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية «لإسرائيل» إنجازاً بارزاً في المشهد الأكاديمي العالمي للعلوم الاجتماعية، إذ تُعد أول حملة مقاطعة كبرى ناجحة في جمعية أكاديمية لعلم الاجتماع. وقد تحقق ذلك من خلال تعليق عضوية الجمعية «الإسرائيلية» لعلم الاجتماع (ISS)، نتيجة الضغوط التي مارسها أعضاء المجموعة. وكان تعليق العضوية أداة فعّالة لمحاسبة مؤسسة أكاديمية على صمتها إزاء جرائم الإبادة الجماعية والمجاعة القسرية، فضلاً عن تواطئها الموثق مع أجهزة الدولة الاستعمارية و«الجيش الإسرائيلي».
وأضاف البيان أنّه «على المستوى العربي والإقليمي، تُعد هذه أول حملة أكاديمية ناجحة لمناهضة التطبيع منذ توقيع اتفاقيات آبراهام ... وبدلاً من عزلنا وترك المنتدى يتحول إلى منصة لتطبيع الصهيونية في المنطقة العربية، نُظّمت حملة مقاطعة أكاديمية ناجحة حالت دون مشاركة المؤسسات الإسرائيلية المتواطئة في الفصل العنصري، والاستعمار الاستيطاني، والإبادة الجماعية. وشمل ذلك دعوة واضحة لمقاطعة أي ندوات تضم هذه المؤسسات أو ممثليها، واشتراط إعلان الباحثين (الإسرائيليين) إدانتهم العلنية لهذه الانتهاكات المستمرة».
ووفق البيان، فإن «حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية (لإسرائيل)» تُرسّخ سابقة مهمة للتجمعات الأكاديمية الدولية المستقبلية في المنطقة والعالم، وتؤكد أهمية تحمّل الفضاءات الأكاديمية لمسؤوليتها السياسية، خاصة في السياقات التي تُعقد فيها هذه الفعاليات. وأضاف البيان: «في ضوء هذا العمل الجماعي، شكّل المنتدى فرصة مهمة لإعادة تمركز النقاش حول التحرر الوطني الفلسطيني وحق العودة، وتحليل بنية الاستيطان الإحلالي الصهيوني، وإسماع أصوات الباحثين المناصرين للعدالة في فلسطين. وعلى مدار خمسة أيام، ومن خلال جلسات نقاش متعددة، تحوّل التركيز من مفاهيم «السلام» إلى نقاشات عملية تتمحور حول العدالة الاجتماعية، والتحرر الوطني، وتفكيك الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1238