من فمك أدينك... فلسطين معياراً
لم تكن عبارة «لا يمكنني أن أكون صديقك إن لم تكن مع حرية فلسطين» التي صرح بها الكاتب والممثل الأمريكي جوشوا توريك في فيديو قصير مجرد تعاطف انفعالي لحظي، بل تحولاً نوعياً في وعي جيل جديد لم يعد يقبل الصمت أمام ما يحدث. الفيديو القصير الذي أصبح «ترند» يلامس تفضيلات سياسية جديدة وتحولات في مواقف كثيرين على مستوى العالم.
موقف واضح لا لبس فيه، «فإما أن تكون فلسطين حرّة، أو لا يمكنني أن أكون صديقك»، هكذا فقط وبهذه البساطة. تحمل هذه العبارة، رغم وضوحها، رمزية عالية توضح التغير الحاصل في الموقف من القضية الفلسطينية، ليس باعتبارها قضية أرض محتلة وشعب يباد فقط، ضمن انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية، بل تحولت فلسطين نفسها إلى «معيار» لاختبار الضمير الإنساني. حيث يجري انتهاك الوجود الإنساني نفسه، إضافة إلى المبادئ الأولى التي تقوم عليها الأخلاق كالعدل والكرامة...إلخ. وكل ما جرى تسويقه من كذب في الإعلام الغربي حول حق الشعوب في تقرير مصيرها والذي بات مكشوفاً ومخزياً.
في هذه المرحلة تحديداً التي تشهد تغيراً في ميزان القوى الدولي وتتوضح فيه الحقائق وتظهر جلية واضحة وينكشف فيه الكثير من كذب وزيف السردية التي روجها الإعلام الغربي سابقاً، وتتحسّس فيها شعوب عديدة المظلومية الفلسطينية، وتستفيق لتأخذ موقفاً مغايراً لما كان عليه الأمر سابقاً، وتصبح فلسطين عنواناً إنسانياً استثنائياً تؤكده عدالة القضية الفلسطينية وعدالة المواجهة مع «المشروع الإسرائيلي»، ثمة كثيرون هنا مازالوا غارقين في الوهم الصهيوني، ومازالوا يعتقدون أن الشمس تشرق من الغرب الأمريكي. يستند موقف البعض من هؤلاء على ما يعانيه من قصور معرفي، ويتأثر البعض الآخر منهم بما ينسجه الإعلام المحلي وإعلام الأنظمة، ويبني قسم منهم موقفه على أساس كيدي وضيق أفق ليس إلّا.
يمكن للكلمة أن تحرك موجة قوية عندما تكون صادقة. وقد أثارت عبارة جوشوا توريك ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت بسرعة لتصبح «ترند». تعكس هذه الظاهرة ومثلها الكثير في الفضاء الإعلامي العالمي الكثير: فهي ليست مجرد تضامن مع قضية عادلة، بل تحمل في مضمونها فكرة مرتبطة بإعادة ترتيب لأولويات القيم، أن تكون إنساناً أولاً، قبل أن تكون صديقاً، أو متابعاً، أو زميلاً...إلخ. بمعنى آخر إعادة تعريف للانتماء والصداقة والمسؤولية الإنسانية... إلخ.
تنادي أصوات كثيرة بالوقوف إلى الجانب الصحيح من التاريخ، أصوات لم تعد ترى في الحياد فضيلة حين تكون الضحية واضحة، والظالم مكشوفاً، تعكس الأصوات أفكار وأخلاق أصحابها فمن يؤمن بالعدالة، سيستمع إلى أصوات من ينادي بها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1230