الإعلام بين العبث والمسؤولية!
أين الإعلام الرسمي؟؟ سؤال محق مثل كثير من الأسئلة المحقة التي يطرحها السوريون اليوم على أصحاب القرار. يحق للسوريين أن يعرفوا ماذا يحدث، ولماذا يحدث؟ يحق لهم أن يتساءلوا عن مصير بلادهم، عن الطريق والوجهة التي تسير إليها؟
مثل كل المفاصل الأخرى في جهاز الدولة، في البداية جرى إيقاف منبر الإعلام، بشقيه الرسمي والخاص، واستبداله بمواقع إلكترونية ومنصات تواصل، والاعتماد على بعض «اليوتيوبرية والتيكتوكرز» لنشر الأخبار...إلخ، مما أدى إلى تغييب المواطن السوري عن صورة وحقيقة الأحداث الجارية، وبدأ طرح أسئلة محقة حول غياب المؤسسات الإعلامية، في «عز الحاجة إليها». وما مصير القنوات الرسمية التي عرفها السوريون على مدى نصف قرن منذ تأسيس التلفزيون السوري عام 1960. ومن المستفيد من جعل المواطن رهينة «حسابات افتراضية» غير مسؤولة بغالبيتها ويمكن تزييفها وتزييف الأخبار فيها دون رقيب أو حسيب، ولماذا لا يوجد إعلام رسمي؟ ولا خطاب واضح موجه إلى الناس بشكل مباشر؟ علماً أن المنطق يفترض غير ذلك، فالاهتمام بالإعلام ومؤسساته القائمة للتوجه للشعب ومخاطبته من خلالها والإعلان وبث الرسائل والخطابات... إلخ. بشكل واسع وصريح بغية التأثير في الرأي العام، هو استراتيجية عامة ومن أولى الخطوات المتخذة في البلدان التي يحدث فيها تغيير سياسي.
الإعلام العبثي ليس بريئاً
ساهم تغييب الإعلام في نشر حالة من التجهيل المتعمد والفوضى فعدم وجود مصادر موثوقة عن الأحداث الجارية، يتيح الإمكانية لتضارب المعلومات حوله، ووصوله إلى الناس بعدة نسخ مختلفة مما يضطر الناس للبحث في صفحات التواصل الاجتماعي، أو اللجوء إلى المحطات العربية والعالمية للتأكد منه ومعرفة ما يجري في منطقة سورية قد تبعد عنه بضع كيلومترات. كما يتيح الإمكانية للتحريض وتجييش الناس ضد بعضهم ، فيتضاعف خطره ليقارب خطورة السلاح المنفلت.
الوضوح مسؤولية!
إن غياب إعلام سوري رسمي من جهة، وإهمال الإعلام الجاد الموجود في الداخل، والاعتماد على الإعلام الخارجي ومنصاته فقط، وحلّ مؤسسات الدولة الإعلامية والتي هي كباقي المؤسسات ملك للشعب السوري وليست ملكاً لأي نظام، من جهة ثانية، يساهم في تعقيد الأمور، خاصة في الأوقات الحرجة، ويساعد في تضليل الناس وخداعهم وجعلهم ضحايا للشائعات والتريند والتزييف... إلخ.
يرى البعض أن السبب وراء ذلك كله هو الرغبة بالابتعاد عن المساءلة، فحتى وكالة الأنباء الرسمية «سانا» تبث فقط الأخبار الرسمية و«بالقطارة» وبشكل مقتضب وغير شامل، بينما تترك عمليات نقل الاخبار غالباً لوسائل إعلام عربية ودولية، والتي من المستغرب أن يبدو وصولها إلى المعلومة أسهل من وصول وسائل إعلام سورية إليها! لأن الوضوح مسؤولية، والوضوح يعني فيما يعنيه الاعتراف بحق الناس ليس بمعرفة ما يحدث في بلدهم فحسب بل إشراكهم بصناعة مستقبله.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1216