التاريخ الأسود لملوك بريطانيا

إمبراطورية الدم

الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، هو الاسم الذي اشتهرت به بريطانيا بسبب حجم مستعمراتها وخريطة انتشارها في جميع القارات.
في الحقيقة كانت هذه البلاد التي فشلت ثورتها الجمهورية في القرن السابع عشر، وأنجزت الثورة الصناعية مهام انتقالها إلى الرأسمالية، تبني إمبراطورية استعمارية على جماجم شعوب العالم.
فمن إبادة شعوب الأمريكتين، إلى الرقص على دماء سكان إفريقيا والهند والصين والهند الصينية وأستراليا والبلدان العربية. سرق ملوك لندن ثروات الشعوب، بل قتلوا شعوباً بأكملها للحفاظ على المواد الخام لمصانعها وخطوط تجارتها. ولكل شعب من الشعوب التي عرفت الاستعمار البريطاني، قصة مقاومة عنيفة، لقد قاتلت شعوب العالم بأسلحة بدائية ضد أقوى جيش في العالم. ولم يوفر الإنكليز جهداً لنصب المشانق وقطع الرؤوس حتى في أوقات السلم، لضمان هيمنتها على الصناعة والتجارة. وكانت بريطانيا تشن حرباً جديدة كلّما عانت من أزمة واقفة على جماجم عشرات الملايين من شعوب العالم والعمال الإنكليز.
تبدو آثار جرائم الإنكليز واضحة حتى اليوم فيما يحدث من أزمات معاصرة، فذلك المخطط الخبيث الذي رسم الحدود التفتيتية على نهر النيل في الماضي في القرن التاسع عشر، له دور في انفجار أزمات الماء بين بلدان النيل حالياً. كذلك فإن آثار الدور الإنكليزي في اتفاقية سايكس بيكو قد لعبت في تفجير الأزمات الجديدة حتى في السنوات الأخيرة.

تجارة المخدرات العالمية

أصاب بريطانيا عجز تجاري كبير في القرن التاسع عشر. فاتجهت إلى تجارة الأفيون التي كانت حروب الأفيون ضد الصين جزءاً منها. وهنا تأسست هونغ كونغ كنتاج لتجارة المخدرات العالمية بقيادة بريطانية.
زرع ممثلو ملوك وملكات بريطانيا آراضي الهند بالأفيون، وفرضوا على الصين شراء الأفيون مقابل الشاي الصيني. وقد حولت هذه التجارة الميزان التجاري البريطاني من العجز التجاري إلى الاتجاه المعاكس.
اخترع الاستعمار البرتغالي تجارة الأفيون، ثم حولها الاستعمار الهولندي إلى تجارة كبيرة. ثم ورثها الاستعمار البريطاني الذي حولها إلى تجارة عالمية وموّل إمبراطوريته الدموية من تجارة المخدرات العالمية. ويتحدث توماس مانويل في كتابه «شركة الأفيون: كيف موّلت تجارة المخدرات العالمية الإمبراطورية البريطانية» بالتفصيل عن تأسيس تجارة المخدرات العالمية باستخدام أعوان الإنكليز من القراصنة العالميين حول البحار.

النظام الغذائي

من أجل فهم التاريخ الأعمق لحالة الغذاء العالمية اليوم، من الضروري استكشاف بريطانيا ما بعد 1800. لأن بريطانيا أرست أسس ونظم الغذاء المعاصرة.
كان الاستعمار البريطاني القوة العالمية المهيمنة في القرن التاسع عشر، وتحكم هؤلاء اللصوص في الثروات العالمية الهائلة، وأنشأوا سلاسل غذائية بعيدة المدى قائمة على تزويد خطوط التجارة بكميات هائلة من اللحوم والقمح والسكر والتبغ. لذلك ارتبط النظام الغذائي للبشرية إلى حد كبير بتطور الرأسمالية والاستعمار، وبشكل خاص الاستعمار البريطاني حسب وصف كريس أوتر في كتابه عن الجذور الإمبريالية للنظام الغذائي العالمي «بريطانيا الصناعية، الأنظمة الغذائية، بيئة العالم». فحسب رأي الكاتب، يجب الابتعاد عن النظام الغذائي الغربي الذي يسبب عدداً كبيراً من الأمراض، إلى نظام غذائي أكثر صحة.
لقد أسس الإنكليز هذا النظام الغذائي، بحيث تسبب بعض الأطعمة الإدمان مثل التبغ والكحول. ويقول مايكل موس، إن هذا النظام كان مترافقاً مع قوة وهيمنة القانون الرأسمالي، وحملات التسويق الخبيثة، وعلوم الغذاء المتطورة، والمعارك السياسية الرأسمالية التي أوصلتنا إلى أزمة الصحة العامة الحالية بمشاركة عمالقة شركات الأدوية والغذاء.

النازية والصهيونية

كان الاستعمار البريطاني أقوى الداعمين للمشروع الصهيوني منذ نشوئه. ورسم الإنكليز خارطة العديد من البلدان العربية الحالية على مقياس مصالحهم الاستعمارية. وتسبب هؤلاء المجرمون في مأساة شعب فلسطين ونشوء الاحتلال العدواني الصهيوني.
في الحقيقة نشأت علاقة عمالقة المال اليهود مع الاستعمار بشكل مبكر، فمدينة نيويورك مثلاً، كانت في الأصل مستعمرة هولندية اسمها نيو أمستردام. وقد أسسها مستعمرون يهود من هولندا. وعند اشتعال الصراع التنافسي بين الاستعمارين الهولندي والبريطاني على خطوط التجارة العالمية، انتقلت المستعمرة إلى الإنكليز. وخلال العهدين، كان عمالقة المال المخفيين يستمرون بالعمل ضمن نطاق سيطرة المال، وبعيداً عن الظهور.
في ثلاثينات القرن الماضي، عندما ظهر خطر الفاشية والحرب العالمية الثانية، كان السياسيون الإنكليز سعداء لظهور النازية للوقوف في وجه الاتحاد السوفييتي. وساهموا في الخفاء بتصاعد النازية في أوروبا بالمشاركة مع الأمريكيين.
وما قيل أعلاه، مجرد ملخص صغير في قائمة البضائع البريطانية السوداء التي وقفت على جماجم شعوب العالم.