الأحزاب السياسية خلال الثورة السورية الكبرى /1/
تايه الجمعة تايه الجمعة

الأحزاب السياسية خلال الثورة السورية الكبرى /1/

نشطت الأحزاب السياسية عشية الثورة السورية الكبرى وخلال معاركها 1925-1927، واختلفت البرامج التي ناضلت الأحزاب من أجلها باختلاف مواقعهم الاقتصادية والاجتماعية.

حزب الشعب السوري

رأس الدكتور عبد الرحمن الشهبندر حزب الشعب، وبلغ عدد أعضائه حوالي 200 من المحامين والأطباء والمعلمين وطلاب الجامعة والتجار وبعض ملاك الأراضي المتنورين والليبراليين. كما أيد حزب الشعب عدد من التنظيمات الحرفية في دمشق. وتطرق الشهبندر في أحد الاجتماعات الجماهيرية إلى أهمية العامل الاقتصادي في تحليل التاريخ، وأشار إلى صراع الطبقات في أوروبا، وإلى استثمار المتروبول للمستعمرات وإلى طبيعة الحرب العالمية الأولى بصفتها حرب بين الرأسماليين ولا مصلحة للشعوب فيها، ودعا إلى تحقيق وحدة البلاد السورية بحدودها الطبيعية ورفض إقامة الحواجز بين البلدان الشرقية.
ورفع حزب الشعب برنامجه من أجل السيادة القومية. ضمان الحريات الشخصية. تدريب البلاد نحو سياسة اجتماعية ديمقراطية مدنية. حماية الصناعات الوطنية وإنماء الموارد الاقتصادية. توحيد التربية والتعليم في البلاد، وجعل التعليم الابتدائي إجبارياً عاماً».
يذكر الشهبندر أن أول اجتماع له مع رسل سلطان باشا الأطرش قد حدث في منزل القاسم الهيجاني صاحب جريدة الفيحاء في أيار 1925 وحضره الأمير حمد الأطرش وزعماء آخرون من الجبل من أجل التحضير السري للثورة. واتفق الطرفان مع عدة اجتماعات سرية جرت في دمشق، على التحضير للثورة ضد الاستعمار لتحرير البلاد. ولعب الشهبندر الدور القيادي الأساسي في التحضير للثورة في دمشق.
أعدّ زعماء حزب الشعب انتفاضة في دمشق بعد إشعال سلطان باشا الأطرش لنار الثورة، وعقد زعماء حزب الشعب مداولة سرية صادقوا فيها على قرار المشاركة النشيطة في الانتفاضة. ولكن جرى منع حزب الشعب واعتقل عدداً من زعمائه. وفر الشهبندر إلى جبل العرب حيث انخرط في نضال الثوار. وانتخب في مؤتمر ريمة الفخور ناطقاً رسمياً باسم الثورة، وكلف بإدارة الشؤون السياسية للثورة. وكانت المناشير تطبع صورة الشهبندر بصفته زعيماً للنهضة السورية.
وكان وزن حزب الشعب عالياً في صفوف الثورة. حيث وجد الكثير من المؤيدين للحزب في صفوف الثورة ومنهم عبد الكريم رمضان قائد المدفعية في جيش الثورة، محمد جميل البيك قائد منطقة الوادي، توفيق حيدر زعيم ثوار بعلبك وقائد المنطقة الغربية، سعيد العاص قائد المنطقة الشمالية للثورة، واصف عمر باشا زعيم عصبة عين ترما، ومصطفى حيدر أحد زعماء ببيلا، وأحمد شعبان أحد زعماء الثورة في برزة. بالإضافة إلى مصطفى بك وصفي قائد المجلس الوطني للثوار في الغوطة وضواحيها.

حزب الاستقلال العربي

قال سلطان باشا الأطرش في مذكراته «وقد أعطت هذه الاتصالات الأولى ثمرتها المرجوة بعد قيام الثورة، فتضاعف عدد الشخصيات السياسية الكبيرة التي تم اتصالنا بها وارتبطنا معها بروابط متينة في سبيل الذود عن الوطن ومجابهة الاستعمار الفرنسي، وبخاصة الذين ينتمون إلى حزب الاستقلال أمثال السادة: شكري القوتلي، الأمير عادل أرسلان، رشيد طليع، نبيه العظمة، الحاج أمين الحسيني، رشيد عالي الكيلاني، رضا الصلح، إحسان الجابري، جميل مردم، محمد رشيد رضا، أحمد مريود، الدكتور مصطفى فخري، وهو الحزب الذي انتمى إليه عدد من أعيان الجبل ومجاهديه كمحمد عز الدين الحلبي وعلي عبيد».
نادى الاستقلاليون باستقلال سورية والوحدة العربية ورفض وعد بلفور والهجرة اليهودية، ورفض الاستعمار الأوروبي. وشاركوا في دعم أو قيادة وتفجير الثورات السورية ضد المستعمرين منذ 1919. فقد كان رشيد طليع حاكم حلب على اتصال بالشيخ صالح العلي ولعب دوراً في تفجير ثورة هنانو. حظر الفرنسيون نشاط الحزب عام 1920، وحكموا على قادته بالإعدام، وأغلقوا مقره الرئيسي في دمشق، ولكنه واصل نشاطه في الخارج حتى قيام الثورة.
بعد خروج الوطنيين من سورية، أعاد أحمد مريود تنظيم حزب الاستقلال في الأردن، وأنشأ لجنة مركزية مكونة من: أحمد مريود، رشد طليع، عادل العظمة، أحمد حلمي، نبيه العظمة، عادل أرسلان، عوض قضماني، صبحي العمري، سعيد عمون، إبراهيم هاشم، سامي السراج، مسلم العطار، عثمان قاسم. ومن الأردن كلاً من محمد علي العجلوني وأحمد أبو راس. وطالب حزب الاستقلال بسيادة العرب المطلقة على أراضيهم واستقلالهم الكامل والوحدة العربية الشاملة.
شمل قرار الطرد والإبعاد كلاً من العديد من الاستقلاليين. وطالب القائد الوطني أحمد مريود أن يكون هدف العمل السياسي في الحالات الراهنة تحريك المشاعر القومية واستقطاب الرأي العام العربي والعالمي، وبخاصة استمالة الشعوب الواقعة تحت الاستعمارين الفرنسي والإنكليزي من أجل ربط وتوحيد نضال الشعوب التي فقدت حريتها مثل الهند ومصر.
وكان حزب الاستقلال ذا وزن قيادي كبير في صفوف الثورة السورية الكبرى، حيث أصبح رئيس حزب الاستقلال رشيد بك طليع رئيساً للحكومة الثورية المؤقتة، وأصبح قائد الدرك السوري العقيد فؤاد سليم أحد القادة العسكريين لأركان الثورة، ورئيس تحرير جريدة الجولان أحمد مريود أحد قادة الثورة البارزين في مناطق الجولان وشرق الأردن ونسيب البكري رئيس المجلس الوطني للثورة في الغوطة. بالإضافة إلى العديد من أعيان جبل العرب ودمشق مثل شكري القوتلي.
ففي المنطقة التي استولى عليها الثوار، تشكلت حكومة وطنية سورية برئاسة رشيد بك طليع القائد المعترف به في المنظمة الثورية العربية «حزب الاستقلال». كما وضعت لائحة معينة لجمهورية ديمقراطية أصبحت بمثابة برنامج سياسي للانتفاضة، وكأساس لكافة المراسيم والأعمال الصادرة عن الحكومة واللجان الثورية. كما بدأت محاولات إنشاء جيش نظامي وسقط العديد من قادة حزب الاستقلال شهداء أثناء معارك الثورة السورية الكبرى مثل العقيد فؤاد سليم وأحمد مريود وغيرهم. وكانت مجلة الاستقلال الصادرة في القاهرة تنشر أخبار الحزب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1039
آخر تعديل على الخميس, 14 تشرين1/أكتوير 2021 23:02