الحريق المشترك الأكبر!
حريق موسم القمح في الجزيرة، انفجار مرفأ بيروت الكارثي، تعرية المؤسسات الصحية الرأسمالية أمام وباء كورونا الجديد– كوفيد 19، الحروب التي تمتد عبر بلدان العالم منذ ثلاثة عقود، حريق غابات وبساتين الساحل السوري، الجفاف والمجاعة في البلدان الفقيرة، التسممات الواسعة الناتجة عن الصناعة في الهند وإفريقيا، حرائق غابات أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي «لوغانسك»... إلخ.
إذا وضعنا تلك الحوادث في خط زمني، نلاحظ تصاعداً مستمراً للمآسي التي تواجه البشرية اليوم، ولا يمكن إغلاق قائمة ما حدث خلال عشرين عاماً، أو ما سيحدث في السنوات القليلة القادمة، بل ويمكننا القول: إن المنظومة الرأسمالية «المراكز الإمبريالية والأطراف التابعة على حدّ سواء» تهدد الحياة، ولم يعد ممكناً العيش بالطريقة السابقة، لأن تلك الطريقة نفسها تؤدي إلى الهلاك والأزمات والكوارث بشكل أو بآخر.
إذا كان الوباء الحالي قد كشف للعالم هشاشة البُنى الصحية في ظل الرأسمالية، والحروب قد كشفت الدرجة الخطيرة من الأزمة التي وصلت إليها الرأسمالية كمنظومة غير قابلة للحياة، بل وكمنظومة تهدد الحياة في كل مكان، فإن الكوارث المختلفة «بغض النظر عن السبب أو الزمان والمكان» كشفت هي بدورها هشاشة البنية التحتية للمنظومة الحالية في العالم، والتي لم تعد قابلة للحياة بكل الأحوال.
وأمام تصاعد تهديد الحياة هذا، وفي كل حادثة، يبرز الاستياء الشعبي هنا وهناك من وسائل الإعلام! وطريقة التعاطي مع الحدث، وذلك في إشارات أولية لشعور البسطاء بدور الهيمنة الثقافية الذي تلعبه وسائل الإعلام حول العالم لتخديرهم، أو لتوجيه اللوم إلى غير محله، لتجميل المنظومة القائمة في كل كارثة تحدث، والتغطية على المنظومة وبُناها الهشة غير القادرة على وضع الحلول في اللحظات المناسبة للقضايا المختلفة.
هو حريق مشترك أكبر يواجه البشرية، ويمتد عبر الكرة الأرضية، يُخلف الخسائر والضحايا وراءه كل حين، يحطم القوى المنتجة، ويحرق الحياة ويهدد البيئة والإنسان على حد سواء، هو المبيد الأكبر المشغل للمبيد الأصغر، وهو مهندس الهيمنة الثقافية لوسائل الإعلام الجماهيرية، وهو في النهاية حريق المنظومة الرأسمالية المتداعية، والتي يدفع البشر ثمن أزمتها اليوم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 987