الثورة الجزائرية في الصحافة السورية..
لؤي محمد لؤي محمد

الثورة الجزائرية في الصحافة السورية..

قدم السوريون الدعم للثورة الجزائرية منذ اندلاعها نهاية عام 1954، وشمل هذا الدعم مختلف الجوانب الثقافية والمالية والإعلامية والسياسية.

«الثورة الجزائرية في الصحافة السورية 1955-1957، دراسة لمواقف التيارات السياسية»، كتاب للدكتور أحمد حلواني يقع في 226 صفحة ومن إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب عام 2017.
يضم الكتاب ستة فصول وهي:
نُبذة عن تاريخ الصحافة السورية، سورية وانطلاقة الثورة الجزائرية، الثورة الجزائرية في الصحافة الحزبية السورية، الثورة الجزائرية في الصحافة السورية غير الحزبية، الثورة الجزائرية في الشعر السوري، ويتناول الفصل الأخير يتناول جوانب إعلامية أخرى.

سورية الخمسينات

كانت سورية في مقدمة البلدان العربية التي أعلنت تأييدها ودعمها للثورة الجزائرية، فعندما اندلعت الثورة الجزائرية للتحرر من الاستعمار الفرنسي منتصف خمسينات القرن الماضي، كانت سورية مهددة من الأحلاف الحربية للاستعمار والمشاريع الإمبريالية، ومهددة بالغزو الأطلسي– الصهيوني – الرجعي العربي. ويقدم هذا الكتاب، ما قدمته الصحافة السورية للثورة الجزائرية، وكيف كانت الرسالة الإعلامية للسوريين في ذلك الوقت. كما تمتاز تلك الفترة بارتفاع نسبي للحريات الديمقراطية من برلمان وصحافة ونقابات وأحزاب، ونشاط الحركة الشعبية والمد الوطني العام الذي عرفته البلاد كلها.
يتحدث الفصل الثالث للكتاب عن الثورة الجزائرية في الصحافة الحزبية السورية، في مقارنة بين ثلاثة اتجاهات سياسية عرفتها سورية، وهي: صحيفة المنار ذات التوجه الإسلامي، وصحيفة البعث ذات التوجه القومي العربي وصحيفة النور الشيوعية. وحسب رأي الكاتب، فإن الصحف الثلاث هي الأكثر هيمنة في أوساط الرأي العام السوري كصحف رأي، وكان لها نفوذها السياسي في حركة المجتمع. وانفردت كل واحدة منها بأسلوبها في المعالجة الإعلامية للثورة الجزائرية.

صحيفة النور والثورة الجزائرية

عن صحيفة النور، قال الكاتب: صدرت أول الأمر كصحيفة أسبوعية من ثماني صفحات بتاريخ 11 آذار 1955، ثم تحولت إلى صحيفة يومية سياسية بأربع صفحات منذ العدد رقم 50 بتاريخ 24 شباط 1956. وهي جريدة حددت التزامها بالعمال والفلاحين، وهدفها تقويض النظام الرأسمالي الاستعماري، وبناء النظام الاشتراكي على أنقاضه.
أرفق الكاتب إحصاءات عن المواد المنشورة حول الثورة الجزائرية، والأنواع الصحفية المستخدمة والخط السياسي– الإعلامي لكل صحيفة. كما أرفق بصفحات الكتاب جداولَ لعناوين المواد المنشورة حول الثورة الجزائرية، وتاريخ كل عدد.
ومن بعض العناوين المنشورة في جريدة النور حول الثورة الجزائرية:
الجزائر تناضل منذ 126 عاماً، العدد 147 تاريخ 5 تموز 1956. حرب الجزائر تكبد الفرنسيين خسائر فادحة وتزيد عبء الضرائب، العدد 150 تاريخ 8 تموز 1956، يجب وضع حد للمجزرة الاستعمارية في الجزائر وإعطاء الشعب الجزائري حريته، العدد 159 تاريخ 18 تموز 1956. المناضلون الجزائريون ينزلون هزائم جديدة بقوات الاستعمار الفرنسي، العدد 210 تاريخ 25 أيلول 1956. جيش التحرير الجزائري يشرف على مناطق كاملة، وينزل هزائم كبيرة بقوات الاستعمار الفرنسي وحلف الأطلسي، العدد 218 تاريخ 4 تشرين الأول 1956. الجزائر العربية: لا حياة للاستعمار في ربوعنا، سورية والعالم العربي يضربان اليوم انتصاراً للجزائر المجاهدة، وإنذاراً للمستعمرين، العدد 238 تاريخ 28 تشرين الأول 1956. الطبقة العاملة في أسبوع التضامن مع الجزائر، العدد 369 تاريخ 6 نيسان 1957. عمال الصين يحيون كفاح الشعب الجزائري، ويعلنون ثقتهم بانتصاره، العدد 371 تاريخ 9 نيسان 1957.

سورية والثورة الجزائرية

انطلقت الثورة الجزائرية في تشرين الثاني 1954 ضد الاستعمار الذي دام أكثر من 132 سنة. وشكلت الثورة نقطة البداية للتقارب السوري– الجزائري، حيث كان الموقف الشعبي والحكومي موحداً لتقديم الدعم المادي والمعنوي لحرب التحرير الوطني الجزائرية.
كانت سورية أول بلد عربي يقدم الدعم والتأييد للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، حيث عقدت الاجتماعات والمظاهرات التضامنية أكبرها أثناء «أسبوع الجزائر» 1956، وتوفر الدعم المالي والثقافي، حيث فتحت الجامعات السورية أمام أعداد كبيرة من الطلبة الجزائريين، واستقبلت سورية المناضلين الجزائريين وفي مقدمتهم جميلة بوحيرد، وأرسلت التبرعات المالية والعينية للثورة، كما وقف البرلمان السوري وقفات الدعم السياسي للثورة، حيث كثف مجلس النواب السوري من جلساته، من أجل متابعة تصاعد حرب التحرير الجزائرية، وخصص جلسات خاصة لمناقشة تأييد الثورة الجزائرية من خلال مداخلات النواب، والجميع قدم انتقادات شديدة لعدم وصول التأييد للثورة الجزائرية إلى مستوى تضحيات الشعب الجزائري، وانتهوا إلى قرارات تدعم كفاح الشعب الجزائري على كل المستويات.
لم يقتصر الدعم السوري للثورة الجزائرية على الدعم المالي والثقافي والإعلامي والسياسي فقط، بل سافر العديد من السوريين للقتال في صفوف جيش التحرير الجزائري. ووصل هذا الدعم إلى قمته عند نجاح قيادة الجيش السوري بإرسال السلاح للثورة الجزائرية عام 1957 وتشكيل لجنة السلاح الجزائرية في دمشق لتنفيذ هذه المهمة. وأرسلت سورية الأطباء إلى الجزائر ودربت ضباط الثورة في سورية، وفتحت باب التطوع أمام السوريين وساهمت بإنشاء الجيش الجزائري.
بتاريخ 13 تشرين الثاني 1960، شهدت مدينة عامودا الواقعة في الشمال الشرقيّ لسورية فاجعة كبيرة عرفت في الذاكرة الشعبيّة بـ «حريق سينما عامودا»، حيث عرض السينما كان مخصصاً لدعم الثورة الجزائرية، وكان ريع العروض لدعم نضال الشعب الجزائريّ ضدّ الاستعمار الفرنسي. ذهب ضحية هذا الحريق 238 من تلاميذ المدارس في مدينة عامودا قرباناً للثورة الجزائرية، ولم تتجاوز أعمارهم الـ 12، وحافظ أهالي عامودا على إحياء ذكرى هذه الفاجعة كل عام أمام نصب شهداء حريق سينما عامودا. وسجل العديد من الناجين شهاداتهم وذكرياتهم في هذه الفاجعة، مثل: المحامي الراحل حسن دريعي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
976
آخر تعديل على الإثنين, 27 تموز/يوليو 2020 15:34