في أسماء مدن الشرق العظيم
يقول مثنى الهنداوي الباحث العراقي في علم الآثار: آكولا أو عاقولا هو اسم مدينة الكوفة في العراق كما ورد في كتابات باللغة البهلوية «الفارسية القديمة» نقشت على نقود تعود للفترات العربية الإسلامية. آكولا أو عاقولا صيغة آرامية الأصل تعني الحلقة أو الدائرة.
اندثر هذا الاسم إلا في كتب التاريخ والآثار، وما زال مستخدماً في مكان آخر. إذ توجد قرية جنوب مدينة القامشلي في الجزيرة تحمل اسم عاكولة «عاقولة» وتكتب بالكردية بهذا الشكل «Agûlê».
يضيف الهنداوي: من الغريب وجود أسماء مكررة لمدن تحمل الأسماء نفسها، ومن الطريف أنه كان لدينا على ضفاف نهر الفرات في العراق، مدينة في العصر العثماني كان اسمها «الحسكة» اندثرت هذه المدينة، وحلت محلها مدينة الديوانية الحالية.
تأسست مدينة الحسكة في القرن التاسع عشر في نقطة التقاء نهري جغجغ والخابور في الجزيرة، وعلى أنقاض مدينة آرامية قديمة تسمى «مدينة نهرين»، وهناك أمثلة غيرها عن اندثار المدن وانتقال اسمها إلى مناطق أخرى.
إضافة إلى ذلك، تحمل العشرات من المدن أسماءً من مختلف لغات الشرق، وهكذا فالزبداني كلمة فارسية تعني مكان التفاح، وديريك كلمة سريانية وكردية معناها الدير الصغير، ودمشق كلمة آرامية سريانية لها عدة معانٍ. وتطلق على رأس العين أسماء عربية وكردية وسريانية، واللاذقية كلمة يونانية هلنستية من اسم لاودوكيا زوجة سلوقس، وطرطوس كلمة لاتينية من أنترادوس وتعني البرد القريب من أرواد، وحلب كلمة سريانية تعني الأرض البيضاء، وحمص كلمة رومانية تعني أرض الحجارة السوداء، وعين العرب «كانيا عربا» كلمة كردية أطلقت على النبع الذي تأتي إليه القبائل العربية سنوات القحط وللمدينة اسم آخر هو «كوباني» وهي تحريف للكلمة الألمانية كومباني أي الشركة نسبة إلى شركة خط حديد بغداد– بوخاريست – برلين، وتطلق على القامشلي أسماء عربية وتركية وسريانية وكردية.
عاش في منطقة الشرق العديد من الشعوب التي تركت آثارها وامتزجت ثقافاتها المتمايزة مع بعضها، وليست أسماء مدن الشرق العظيم إلا الدليل الذي تخبرنا به علوم الآثار عن وحدة التاريخ المُنطلقة نحو وحدة المصير.