خليل صويلح خليل صويلح

بين قوسين: الثعلب والغراب

مزيد من القهوة والسجائر. ووليمة من العناوين على موقع واحد في شبكة الانترنت.

بالمناسبة: المطر يهطل بغزارة في الخارج، وهو ما أرغمني على تخزين أكبر عدد من المقالات لاستعراضها لاحقاً على مهل. المقال الذي أثار انتباهي أولاً، كان بعنوان «تاكسي المسلم»، فقد أسسّ أحد المسلمين المقيمين في ألمانيا، شركة للنقل على الطريقة الإسلامية، بمعنى أنها تمنع الاختلاط بين الجنسين ولا تسمح للمرأة بأن تسافر من مدينة إلى أخرى من دون محرم. ما أن نغادر تاكسي المسلم حتى نجد أنفسنا أمام شوارع الربيع العربي من نوع «الربيع العربي خروج العرب من كبسولة الماضي»، لكن آخر يجيب من ضفةٍ مقابلة «هل نحن إزاء نهضة عربية ثانية أم ظلامية أكثر حلكة؟». بخصوص النهضة الثانية لم أقابل إلى اليوم كواكبي جديداً، أو محمد عبده آخر غير «فنان العرب»، حتى أن بعض الشباب الثوريين من الموجة الجديدة، لم يسمع أو يقرأ سطراً واحداً عن النهضة الأولى. من تجليات هذه النهضة الجديدة، اتهام نجيب محفوظ لمناسبة الاحتفال بمئويته بالإلحاد و«الحض على الرذيلة والفسق». مقال آخر يختزل معضلة العرب اليوم تحت عنوان «بين مطرقة الإسلاميين وسندان العسكر». أتخيّل مشهد العربي المنتفض وهو يستغيث للخلاص من المطرقة والسندان معاً، وإغلاق دكان الحدادة نهائياً. لكن الأمر لا ينتهي هنا، ثمة أسئلة أخرى مثل «الإسلام قالب جامد أم فكر نابض؟»، وسؤال ثانٍ: «الإسلام بين النقد الراديكالي والخوف المرّضي»، وسؤال ثالث «في مواجهة الإسلاموفوبيا». عمّا سيتكشف الربيع العربي لاحقاً؟ هل هو خريف بأشجار عارية، أم حديقة من الزهور؟ ينصحنا بعضهم بالتفتيش عن مخبأ «لورانس العرب» الذي جلب قبل قرن «سايكس بيكو»، رغم تبشيره العرب بالاستقلال عن السلطنة العثمانية، ذلك أن رسم الخرائط الجديدة للمنطقة لم يتوقف يوماً، وكانت آخر خريطة تمّت بنجاح وصمت في السودان، وخريطة ممزقة في العراق، وأخرى هشّة في فلسطين. في هذا المقام أنصح بإعادة قراءة «مراسلات الشريف حسين ومكماهون»، ذلك أن بعضهم يعيد إنتاج هذه الحقبة التي تشبه حكاية «الثعلب والغراب وقطعة الجبن المسروقة». الغراب سرق قطعة الجبن والثعلب التهمها مقابل عبارة مديح كاذبة هي «ما أجمل صوتك أيها الغراب»، فما كان من الغراب أن فتح منقاره فوقعت قطعة الجبن في فم الثعلب الذي كان ينتظر تحت الشجرة. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
542