فنجان قهوة هل يحتضر المسرح

في إطار فعاليات أسبوع المدى الثقافي الثالث، أقيمت ندوة بعنوان: «المسرح والجيل الجديد»، وقد كنت إحدى المشاركات بها، وقد اهتمت الندوة بإجراء حوار مباشر بين جيلين، استهدف هذا الحوار استدراج جيل الشباب للبوح بهواجسه واهتماماته، وتطلعاته ورؤيته للمسرح.

وفي ختام مداخلتي التي تحدثت فيها عن المشهد الثقافي والمسرحي الراهن وخاصة في ما يتعلق بالجيل الجديد، وجدت نفسي مدفوعةً بالسؤال: هل يحتضر المسرح ويشرف على الموت؟ وقلت: يقيناً لا. وهذا دون أن يتبادر للبعض أنني أقع في مطب التفاؤل. صحيح أننا نعيش في وضع يتم فيه تهميش الثقافة بشكل عام والمسرح من ضمنها وتسود ثقافة استهلاكية بديلة تكرس الفردية في المجتمع وتدخل الفرد والمجموعة في دوامة الاستهلاك والإنتاج، وتفرز أشكالاً جديدة من الفرجة الجماعية والفردية، تختلف جذرياً عن المسرح ولكن لا يمكن أن تكون هذه الأشكال البديل الطبيعي للمسرح.

إن دور المسرح في واقعنا الحالي هو غاية في الأهمية، فالمسرح هو المكان الممتاز للتعبير ولإبقاء الحيوية في الثقافة، ولو كانت هذه الحيوية محصورة في إطار ضيق. إن العمل الفني أو الثقافي، يعيش اليوم، أو يتنفس، في بؤرة صغيرة، في واحة وسط صحراء.

إن دور المسرح مهم، لأن التلفزيون يقدم صوراً مسلية، أو صوراً تعليمية، ولكن هذه الصور خالية من الحياة وفورانها المتدفق العفوي. المسرح يمكنه أن يقوم بهذا الدور بواسطة الجيل الجديد من الشباب، الذين هم بحاجة إلى هذا المكان/ المسرح الذي يستجيب لكوامن ورغبات في النفس لا تتوافر لدى من يزاحمه. فعلى الرغم من التطورات الكبيرة التي حصلت في العالم، نلاحظ أن المتمكن من اللغة المسرحية يستطيع أن يعمل في السينما والتلفزيون دون صعوبة، ولكن العكس غير صحيح.

هل يبقى المسرح؟ هل يُطوى المسرح؟ أسئلة قد تجد أجوبةً مختلفة لدى هذا المسرحي أو ذاك. ولكن دور المسرح في الوقت الراهن هو في منتهى الأهمية فالإنسان المعاصر، وبنوع من الجدلية، بدأ يشعر منذ الآن، ونحن في قمة الانبهار بالتكنولوجيا، بحاجة أكبر للخروج ولقاء الآخرين وتذوق متعة الحضور الجمعي، في التظاهرات الثقافية الكبيرة، والاحتفالات الفنية، التي تشهد إقبالاً كبيراً اليوم وخاصة من قبل الشباب. وبالتالي فإن المسرح، الذي يتميز بكونه فن الحضور الحي للممثل والمتفرج، قد يكون أحد المنافذ، التي تسمح لإنسان اليوم، أن يتلمس إنسانيته بلقائه مع الآخرين، بعد أن كاد يفقدها، وهو يتجول صامتاً بين مواقع الإنترنت.

 

* ميسون علي

معلومات إضافية

العدد رقم:
172