لا مهادنة مع الشركات الأمريكية

التقيت بأحد أصحابي في مكتبة، وهو عضو في اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وتركز جل حديثنا على قضايا الوطن والديمقراطية وما يعانيه الشعب الفلسطيني من آلام ونكبات متلاحقة.
ولكي يطلعني على دور اللجنة وما تقوم به من نشاطات، عرض علي مشروع ملصقات وبيانات خاصة بدعم الانتفاضة، أعدته اللجنة ذاتها، وكان الشعار الرئيسي  البارز (قاطعوا الشركات والبضائع الأمريكية).

قلت له: هذا عظيم. ولكن ما لفت انتباهي بشدة هو كلمة (الشركات) بالقلم الأخضر. قلت: ما هذا ياصاحبي؟
أجابني: هكذا أراد السيد المحافظ، إنه لم يوافق.
قلت: وهل ناقشتم ذلك معه، لاسيما أن عددكم يبلغ 35 عضواً؟
أجابني: لم نفعل ذلك، إنما اكتفينا بعبارة (قاطعوا… البضائع الأمريكية) فقط.
قلت: إن السيد المحافظ بحكم موقعه في مركز مسؤول، وأي كلام أو تصريح يصدر عنه له مدلوله الرسمي، ويصنف في إطار السياسة العامة للدولة، وما فعله يتناقض والتوجه العام لشعبنا في عدائه التاريخي للإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية. ألا تعلم، ياصاحبي مدى الاندماج بين الرأسمال الإمبريالي الأمريكي والرأسمال الصهيوني العالمي، المتجسد بالاحتكارات والشركات متعددة الجنسيات عابرة القارات، التي تضخ قوة وسلاحاً وغطرسة لمصلحة إسرائيل، لإبادة شعبنا الفلسطيني، والقضاء على كل مااسمه القضية الفلسطينية؟! إن مصدر الخطر على استقلالنا الوطني، وعلى مستقبل أجيالنا يتأتى من الإمبريالية الأمريكية، وشركاتها صاحبة الامتياز التي تسرح وتمرح، وتصول وتجول في البلدان العربية؟
السياسة والاقتصاد صنوان، لا يمكن الفصل بينهما، ومن يريد مقاومة الإمبريالية الأمريكية عدوة الشعوب، فلابد أن يبدأ خطوته الأولى بقطع كل الشرايين الاقتصادية التي تبعث فيها القوة والحياة، فبئس من لا يأبه بمخاطر الشركات والاحتكارات الأمريكية.
إن دولاً وشعوباً أجنبية عديدة في العالم أخذت موقفاً معادياً من الشركات الأمريكية الصهيونية، لما تحمله من أخطار جدية على الحياة. بينما الأنظمة العربية ـ للأسف ـ تتعامل معها بالحسنى، على حساب مصلحة شعوبنا، التي دفعت الثمن باهظاً لطرد المستعمر، والظفر بالاستقلال الوطني، والآن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية عبر قوتها العسكرية ونفوذها الاقتصادي وعملائها وضع البلاد تحت هيمنتها المطلقة والتحكم بمصيرها ونهب ثرواتها. ولكن إرادة شعبنا أقوى مما يظن هؤلاء، وسننتصر حتماً بالاستناد إلى القاعدة الصلبة  للوحدة الوطنية وممارسة الديمقراطية الواسعة، والتمسك بحقنا في الحياة والاستقلال والتطور.

معلومات إضافية

العدد رقم:
175