أسس العمل النقابي

أسس العمل النقابي

النقابات هي تلك المنظمة الجماهيرية الطبقية التي تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم ومهنهم دون تمييز. وهدفها الرئيسي الدفاع عن مصالح العمال والتعبير عن إرادتهم، لتحقيق مطالبهم وحماية مصالحهم، وتحسين شروط وظروف العمل، وفي المقدمة منها الأجور العادلة. ويخبرنا تاريخ الطبقة العاملة أن نقابات العمال الحقيقية والقوية قد أنتجتها الإضرابات العمالية، وأن انتصار النقابات في تحقيق مصالح من تمثلهم، كان مرهوناً دائماً بقدرتها على استخدام أدوات الكفاح الأساسية «الاجتماع، والتظاهر، والاعتصام والإضراب وغيرها من أشكال الاحتجاج». لذلك ينبغي على النقابات الحقيقية وخاصة العمالية أن يتوفر لديها ثلاث قواعد أساسية هي: الاستقلالية، والديمقراطية، والجماهيرية.

الاستقلالية: استقلالية النقابات عن أجهزة الدولة والأحزاب السياسية وأرباب العمل هو الشرط الأساسي لوجودها، ولحمايتها من التدخل أو التأثير عليها، وهي أهم ضمانة لتطور وفاعلية النقابات. وبكلام آخر هي تعبيرٌ عن إرادة أعضائها ومصالحهم المشتركة، وتعني تحريرها من أي نفوذ أو سطوة يعيق نضالها. ويتجلى ذلك من خلال حق النقابات في وضع قانونها ونظمها الأساسية الداخلية بنفسها. واحترام حق الاجتماع لأعضاء النقابات وعقد مؤتمراتها المقررة التي هي السلطة العليا فيها، دون وصاية أو شروط من أحد، وأن تملك وحدها حق تحديد مواعيد عقدها بالأوقات المناسبة لها.

الديمقراطية: في نقابات العمال تعني أن القواعد العمالية هي صاحبة السلطة والوصاية على التنظيم النقابي من خلال مؤتمر الجمعية العمومية التي هي السلطة الأولى في كل منظمة نقابية، وتملك وحدها حق تقرير شؤون النقابة وتوجيه أعمالها ومراقبة أدائها ومحاسبتها، بل ولها وحدها الحق في إعداد نظمها الأساسية وقواعد أعمالها الإدارية والمالية. ويتجلى ذلك من خلال وضع نظم وشروط العمل لكل المستويات النقابية. وحق أعضاء النقابات في الترشيح لأي موقع قيادي وفي جميع المستويات بلا تمييز أو شروط معلنة أو ضمنية، فشروط العضوية كافية لحق الترشيح. وحق النقابات في تمثيل أعضائها والتعبير عنهم بشخصيتها الاعتبارية، وحق المفاوضة الجماعية وعقد الاتفاقيات الجماعية نيابة عن أعضائها.

أما جماهيرية النقابات العمالية: فتعني شمولها لجماهير العمال في عضويتها وليس لأجزاءٍ منهم، سواء المنتسبون إليها أم غير المنتسبين، وينبغي ألّا تستبعد من عضويتها أيّاً من العمال، وأن يعتمد مبدأ العضوية فيها على الاختيار والانضمام الطوعي الحر دون إجبار أو إكراه. وتتجلّى جماهيرية النقابة من خلال الجمعية العمومية التي يبدأ فيها كل نشاط في النقابة وهي مصدر المشروعية والقوة والفاعلية لكل التنظيم النقابي من أدناه إلى أعلاه، وتعتبر اللجنة النقابية في المنشأة هي أهم مستويات التنظيم النقابي. بمعنى آخر: العضوية النقابية تبدأ وتنتهي في مكان العمل حيث يوجد جماهير العمال، الذين يلتفون حول مصالحهم ويتوحدون، وينبغي أن تملك اللجنة النقابية في المنشأة كل الصلاحيات والسلطات وكامل الشخصية الاعتبارية.

والسؤال المشروع اليوم: هل ستعود نقاباتنا للكفاح والنضال كمنظمة لها وزنها النوعي كما أرادها العمال، وتقوم بتمثيل العمال كافةً في القطاع الخاص وكذلك العاملين في قطاع الدولة، أم أنها ستستمر بالتراجع مع تراجع قطاع الدولة التي تبذل الحكومة قصارى جهدها على خصخصته؟ ويستمر التردي الذي بدأ منذ أواخر خمسينيّات القرن الماضي والذي تحدّثنا عنه كثيراً فيما سبق، أم أنّ النقابات سوف تنهض من جديد وتستعيد وزنها النوعي وأهميتها بالنسبة لعلاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل في الأيام القادمة، تماشياً مع ضرورات المرحلة القادمة بشكل أفضل مما كانت عليه في العقود السابقة؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1237