من التراث «كلام في العقل»
قال النبي (: «لكل داء دواء، ودواء القلب العقل، ولكل حرث بذر، وبذر الآخرة العقل، ولكل شيء فسطاط، وفسطاط الأبرار العقل».
وعنه (: «الجنة مائة درجة، تسعة وتسعون منها لأهل العقل، وواحدة لسائر الناس».
وعن الحسن بن علي (رضي الله عنه) قال: «إني لأعجب ممن رزق العقل كيف يسأل الله معه شيئاً آخر».
وسئل الحسن بن سهل: ما حد العقل؟ فقال: الوقوف عند الأشياء قولاً وفعلاً.
وقالوا: لكل شيء غاية وحدّ، والعقل لا غاية له ولا حدّ، ولكن الناس يتفاوتون فيه كتفاوت الأزهار في الرائحة والطيب.
وقال الشاعر:
العقل حلة فخر من تسربلها
كانت له نسباً تغني عن النسب
والعقل أفضل ما في الناس كلهم
بالعقل ينجو الفتى من حومة الطلب
وقال الأصمعي: لو صور العقل لأضاء معه الليل، ولو صور الجهل لأظلم معه النهار.
وقال سعيد بن جبير: لم تر عيناي أفضل من فضل العقل، يتروى به الرجل إن انكسر جبره، وإن صرع أنعشه، وإن ذلّ أعزه، وإن اعوجّ أقامه، وإن عثر أقاله، وإن افتقر أغناه، وإن عري كساه، وإن غوى أرشده، وإن خاف أمنه، وإن حزن أفرحه، وإن تكلم صدقه، وإن أقام بين ظهراني قوم اغتبطوا به، وإن غاب عنهم أسفوا عليه، وإن بسط يده قالوا جواد، وغن قبضها قالوا مقتصد، وإن أشار قالوا عالم، وإن صام قالوا مجتهد، وإن أفطر قالوا معذور.
وقال المهلب بن أبي صفرة: يعجبني أن أرى عقل الرجل زائد على لسانه، ولا يعجبني أن أرى لسانه زائداً على عقله.
يقول الشاعر:
وأفضل قسم الله للمرء عقله
فليس من الخيرات شيء يقاربه
يزين الفتى في الناس صحة عقله
وإن كان محظور عليه مكاسبه
وشين الفتى في الناس قلة عقله
وإن كرمت أعراقه ومناسبه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله
فقد كملت أخلاقه ومآربه
وقال الأوس بن حارثة لابنه مالك: يا مالك: المنية ولا الدنية، والعتاب قبل العقاب، والتجلد لا التبلد، واعلم أن القبر خير من الفقر، وشر شارب المشتف (من يشرب البقية في الإناء) وأقبح طاعم المقتف (الآخذ بعجلة) وذهاب البصر خير من كثير النظر، ومن قل ذلّ، ومن أمِرَ قَلَّ (كثر عدده)، وخير الغنى القناعة، وشر الفقر الضراعة، والدهر يومان، فيوم لك ويوم عليك، فإن كان لك فلا تبطر، وإن كان عليك فاصبر، فكلاهما سينحسر، ولو كان الموت يشترى، لسلم منه أهل الدنيا، لكن الناس فيه مستوون: الشريف الأبلج (حسن الوجه) واللئيم المعلهج (الأحمق اللئيم) والموت المفيت، خير من أن يقال لك: هبيت (جبان لا عقل له) وكيف بالسلامة لمن ليست له إقامة وشرّ من المصيبة سوء الخلف، وكل مجموع إلى تلف.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 283