جهاد أبو غياضة جهاد أبو غياضة

فيلم «نقيض المسيح»:الجسد في مشهديّته العنيفة يثير حفيظة «كان»

هو فيلم «المسيح الدجال» أو بالترجمة الحرفية «نقيض المسيح» للمخرج الدنماركي (لارس فون ترايير)، الذي كان أول ظهور له في مهرجان كان عام 1991 بفيلم «أوروبا» الذي شكل تجربة جديدة في استخدام لغة السينما.

فيلم «نقيض المسيح» الذي اعتبر أكثر نصوص الدورة 62 من (مهرجان كان) مدعاة للرفض والتشكيك، لكون المعنى العام له يشكل رؤية سوداوية تصل حد التحريض المخيف على الفوضى والعبثية السادية. رافق عمليات تصوير هذا الفيلم  تكتمٌ شديدٌ عن أية معلومات عنه قبل وأثناء وبعد الانتهاء من تصويره، لتكون مسابقة المهرجان عرضه العالمي الأول.
القصة تتمحور في شخصيتين فقط: رجل (وليم دافوي)، وامرأة (شارلوت جينسبرج)، حيث يبدوان منعزلين داخل كوخ خشبي محاط بالأدغال التي تختبئ فيها الذئاب،

وتظهر على المرأة معالم الانهيار النفسي النابع من عدم تقبلها لفكرة موت ابنها الصغير، بينما يحاول الرجل مساعدتها عن طريق التحليل النفسي للأوضاع المحيطة. غير أن الوسيلة العلاجية التي تستخدم لتلهي عن الضغط المحيط هي التواصل الجنسي في كل مكان، وفي أوضاع مختلفة، وبصورة وحشية وهمجية، خاصة عند هذه المرأة التي لا تصل إلى الإشباع، بما يجعل من الجنس  وسيلةٌ للتعجيل بالنهاية، وليس وسيلة للتشبث بالحياة. تتدخل عوامل الشك عند المرأة في كون الرجل قد يتخلى عنها ويهرب، ليبدأ التصعيد الدرامي بأقسى درجات الصورة الوحشية، إذ تقوم عقب التحام جسدي بإلقاء حجر كبير على أعضاء الرجل الذي يصاب بالإغماء من شدة الألم، وعندما يستفيق ويبدأ في الحراك تأتي بمثقب كبير وتغرز سنه المدبب في ساقه، ثم تدير الحفار ليخترق ساق الرجل خارجاً من الجهة الأخرى، وسط صراخ الرجل الشديد الممزوج بفظاعة الألم، لكن الأمور لا تقف عند ذلك بل تأتي بقطعة حديدية ضخمة تضعها على المسمار الكبير المنغرس بساق الرجل، وذلك لمنعه من الحركة تماما. وتتوالى المشاهد المثيرة للاشمئزاز، وعند انصرافها لقضاء بعض الأمور يستطيع الرجل أن يزحف منسلا إلى الغابة، ويختبئ في حفرة اتخذتها إحدى إناث الذئاب مسكناً لها ولمولودها، ودون أن تؤذيه تتطلع إليه الذئبة وتقول له بصوت بشري: الفوضى تسود! وهنا تتسارع الصورة المشحونة بالتوتر والهلع الذي يخلفه صراخ الفتاة التي خرجت باحثة عنه، ليزداد التوتر كلما ازدادت حدة صراخها الهستيري خلال بحثها المحموم، حتى تعثر عليه وتسحبه إلى الكوخ، لتستأنف ما بدأته من ممارسة سادية وحشية. ومن شدة الإحباط  تتناول مقصاً كبيراً وتقطع فرجها، لتسيل الدماء بغزارةٍ مفزعةٍ وتقفل المشاهد على تلك النهاية الغريبة.
«المسيح الدجال» عبارة عن رؤية مخيفة لنهاية العالم مع ظهور المسيح الدجال وانتشار الفوضى المدمرة، لكن بأسلوب مبتكر شيطاني كما شبهه بعض النقاد (وكأن الشيطان ذاته أصبح مخرجاً)، بل ربما يشكل اعتداءً على الذائقة الفنية للمشاهد، ففون ترايير يريد تحقيق الصدمة بكل ما تعنيه الكلمة، وهو ما يعكس رؤية غريبة للعلاقة بين الرجل والمرأة، من خلال تصويره الجنس كحاجة وحيدة للمرأة من الرجل، وتصويره الرغبة في التملك والاستيلاء بأبشع صورها. وأخيرا لارس فون ترايير لا يهمه الجمهور كما قال خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض فيلمه في مهرجان كان، حين أكد أنه يصنع الأفلام لشخص واحد فقط، هو لارس فون ترايير نفسه!
فأين يمضي الفن في ظل ترنح الإمبريالية؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
406