قصة مترجمة رسالتان

كان لزاماً الاعتراف منذ البداية بصعوبة إنجاز المهمة. سأترك نافذتي مفتوحة بعد الانتهاء من كتابة الرسالتين لعل جبرائيل الملاك يخدمني هذه المرة ويحمل بين يديه النورانيتين إلى السماء السابعة إحدى الرسالتين، أما الثانية فليتركها للظروف.. أعرف أن عصر النبؤات انتهى، ولكن جبرائيل الملاك لم تنته ِمهامه على حد علمي، فما دام إبليس الرجيم وعزرائيل وغيرهم من ملائكة الرحمة والشر يعملون فلن تنتهي مهام جبرائيل بحال من الأحوال، فربما لم يزل يبشر برسل آخرين في أرضين أخرى في هذا الكون.. إلى الله وسيدي الرئيس سأخط الرسالتين.. في رسالتي إلى الله سأتذرع كي يحمي موراليس الاشتراكي من غضبة الغرب عليه، وأشكوه همي من كثرة اللصوص لأن موراليس العظيم سيقضي على المنتفعين والمختلسين، أما اللصوص وقطاعي الطرق فأترك أمرهم لله وحده.

يا الله تعلم أن أمي السبعينية تعمل في تربية الماشية، وتعلم كيف ومتى اختطفها اللصوص من مزرعتها مع ماشيتها حتى أنك لا بد أنك تعرف اللصوص أنفسهم، وتعلم لماذا لم أسمح للطبيب الشرعي بالكشف عليها، فهو في تقريره ألمح إلى مقاومة عنيفة أبدتها أمي قبل شنقها بلا وازع من ضمير بحبل من البلاستيك، يا الله لا راد لمشيئتك، ولكن ألم يكن أهون على أمي لو كان الحبل من القنب الطري!! هل تعلم يا سيدي الرئيس لماذا يحدث هذا بعلم الجريمة؟ أنا أجيب عنك:لأن ابن عمي أنطونيو عندما سُرقت دكانه، ذهب إلى المخفر ليكتب ضبطا بالحادثة وكان المحقق راؤول سأله في معرض التحقيق إن كان يشك بأحد ما، وقبل أن يفوه باسم(ر، م) ـ وهذا من ذوي السوابق وكان أنطونيو لمحه قبل الحادثة يحوم حول دكانه ليلاً ـ كان (ر،م) نفسه خارجاً من مكتب مدير الناحية مودعاً بحفاوة لا مثيل لها. انخرس ابن عمي أنطونيو وعندما ألح المحقق راؤول في سؤاله قال ابن عمي: أشك بالشيطان يا سيدي، فأُقفل المحضر عند هذه النقطة. سيدي الرئيس بعد نجاحك في معركتك لتأميم الغاز، وأثق أنك ستنجح، هل ستقضي على المحسوبيات وعلى المنتفعين والمختلسين؟؟ رجال العهد السابق كانوا يتشدقون بأننا بلد الأمن والأمان ولكننا اليوم فقدنا الأمان فلا تُبقي قبضة الأمن ليزداد في طنبور فقرنا نغماً.. هذه فحوى الكتابين اللذين سأخطهما إلى الله وسيدي الرئيس.. أعرف أنهما حالما يفرغان من قراءة رسالتيهما سيضحكان في عبهما مني واعرف أنك يا ربي ستعترف أن عصر المعجزات ولى كي نعتمد نحن الناس على أنفسنا. أي أن المسيح العظيم لن يعيد أمي حيةً، وأن الله بكل تجليه لن يمطر شياهاً أبدا، وأن موراليس العظيم سيتحول بين ليلة وضحاها من عابد لله والشعب إلى مطارد أبدي لكرسي الرئاسة، ومطارد لكرة القدم على ارتفاع يفوق2500 متر متحدياً قرار الفيفا. وأعرف أن شرف أمي السبعينية الضائع لن يعود. ولكن ما يهمني أنني مازلت إنسانا يحلم حتى بعد استيقاظي اليومي في السابعة صباحا.. وإنساناً يثق بمهارات موراليس الكروية!!

أوكتافيو خيمنيث دل سانتوس*
 ترجمة: فواز العاسمي

*كاتب من بوليفيا

معلومات إضافية

العدد رقم:
408