تصبحون على وطن... «أمورتي».. و «النماء»!!

اكتظت الطرقات بالآليات... فرفعت الحكومة معدلات القبول في الجامعات والمعاهد السورية مساهمة منها في خفض الازدحام والتلوث البيئي... بعد أن تبين لها الازدياد الهائل في عدد الطلبة الجامعيين الذين يوجعون رأسها بعد تخرجهم... ويعيقون الحركة المرورية أثناء تنقلهم من ديارهم إلى جامعاتهم ومعاهدهم!!...

فحسب تقرير مكتب نقابة عمال النقل البري في دمشق لأسباب الأزمة المرورية والتلوث البيئي في العاصمة، يسير في شوارع دمشق أكثر من (350) ألف آلية... مع أن استيعاب شوارعها وفقاً للدراسات هو بحدود (48) ألف آلية فقط!!...

أي أن هناك نحو (302) ألف آلية فائضة عن قدرة الشوارع على استيعابها!!...

وحسب التقرير نفسه فإن آليات النقل العام لاتزيد عن 10% من مجموع وسائط النقل، مع شبه انعدام لوسائط النقل العام الجماعي!!... ويصل التقرير إلى نتيجة مفادها أن المشكلة لن تتوقف عند حل بعض العقد المرورية، حيث أن استيعاب دمشق للآليات سيبقى حائلاً دون حل الأزمة المرورية مالم يجر تبني إقامة مترو الأنفاق الذي بات الحل الوحيد لأزمة المرور وتلوث البيئة، وأن أي حل آخر يبقى عملاً ترقيعياً لكلتا المشكلتين..

أعادني هذا التقرير لحديث أحد المختصين منذ نحو عشرين عاماً إلى أن مجموع خسائر الشركة العامة للنقل الداخلي في دمشق منذ تأسيسها في مطلع الستينات من القرن الماضي، كانت كفيلة بإنشاء أسطول كبير لمترو الأنفاق في العاصمة!!.. ومع ذلك كانت الأزمة وما زالت مستمرة دون حلول جدية!!...

وربطاً مع صدور نتائج القبول في الجامعات والمعاهد، حيث (أوضحت) الوزارة ضرورة حصول الطالب في الشهادة الثانوية على علامات شبه كاملة بعد طي علامة التربية الدينية ليتسنى له دخول صرح الجامعات العامة...

وفي قراءة سريعة لأرقام نتائج القبول، يتبين حرص الحكومة على رفع سوية التعليم الجامعي في سورية من خلال رفعها للمعدلات.. وذلك حرصاً على فلذات أكبادنا من الفلتان والصياعة في الشوارع.. وكي يضعوا عقولهم في رؤوسهم... عندها يحق لهم دخول الجامعات العامة بجدارة الأبطال...

فطبيب المستقبل يجب أن لايخسر من العلامات التامة سوى سبع درجات.. وإلاّ فلا يحق له أن يكون طبيباً... وقس على ذلك في الاختصاصات الأخرى كافة...

ونحن واثقون من أن نية الحكومة لم تتجه من خلال وضعها لتلك المعدلات القياسية نحو تأمين فرص طلاب للجامعات الخاصة... حيث أن الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا الأبي قادرة على دفع مئات الألوف على أبنائها كي يتابعوا تحصيلهم العلمي العالي في الجامعات الخاصة بحال خذلتهم علاماتهم من دخول الجامعات العامة...

وعود على بدء... نجد الجامعة الكبرى في وسائل إعلامنا تتحف الأجيال بجهابذة الفكر والأدب من خلال بثها اليومي ورعايتها لمهرجانات الإبداع لنانسي وهيفاء وأليسا وعمرو دياب... وما الازدحام المروري إلاّ وراء نزول الناس للشوارع لمتابعة هذه الثلة من الأعلام...

وطبعاً لم يغب عن البال دور المرأة السورية... فها هو مهرجان «أمورتي» للأزياء يقام على مدرج تدمر كرد حضاري على جميع الأعداء.. وإبراز للإمكانيات المغيبة للمرأة السورية بما يليق بدخولنا عالم الخصخصة والفصفصة واقتصاد السوق... وتأكيداً على مجابهة الأعداء كرّمت بنت الفواخرجي (سفيرة بانتين)، «الشامبو الأمريكي»، الفائزين في المهرجان!!...

ومع ذلك هناك بعض المتطلبين الذين أمنت لهم (أودي أي 8 إل 6.0 كواترو) سيارة الفخامة لتأدية ديناميكية مع ثبات وتوازن مثاليين في كافة الظروف... وذلك بعد أن استعادت (بيجو  (704المبادرة في فئة السيارة العائلية...

ولم يغب عن البال كذلك إقامة مخيم صيفي للأطفال لإحدى المدارس الدولية في دمشق لتقدم لأطفالنا بمبادرة كريمة زاد المعرفة ومتعة الفرح والنشاط، وإن كان رسم الدراسة لطالب الأول الابتدائي في تلك المدرسة لايزيد كثيراً عن الـ (150) ألف ليرة فقط لاغير...

وما زالت دعوة الاكتتاب العام بأسهم شركة النماء للبتروكيميائيات مفتوحة لعموم المواطنين كي يتحولوا لمستهلكين لإنتاج تلك الشركة ومروجين لها... بغض النظر عن مخاطرها على الصحة والبيئة... فكل شيء يهون من أجل «أمورتي» «والنماء»!!...

■ كمال مراد

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
229