عمرو السواح عمرو السواح

إحراق الأوراق الثقافية كم أعرف.. وكم تعرفون

أنا لا أحب أن أدخل الخصوصيات في مواضيع مشابهة إلاّ أنني مضطر، لأن أفعل ذلك، فللأسف لن أستطيع أن أكتب زاوية إحراق الأوراق الثقافية بعد الآن، بسبب حادث حصل في عائلتي قبل فترة، سأخبركم الموضوع بسرعة، فبينما كانت خالتي عيشة واقفة بهدوء وهي تتأمل الكأس المكسور والذي اشتراه لها زوجها بمناسبة مرور 10 أعوام على زواجهما، نظرت إليه بحزن شديد وتنهدت، ثم أدارت وجهها لتجد ابنها ذا العشر سنوات ينظر نحوها بخوف شديد، ركضت نحوه غاضبة، وراحت تضربه بجنون حتى أغمي على الطفل. طلق زوج خالتي سولف خالتي عيشة المسكينة، لأنه يحب ابنه، ولا زالت المباحثات مستمرة بين العائلات ليتم الصلح ويعود الاستقرار إلى بيت الزوجية.

وبينما يتصالح الاثنان أريد أن أخبركم شيئاً، أنه لا يوجد لدي خالة اسمها عيشة وأكيد زوجها إن كانت إحدى خالاتي باسم عيشة لن يكون اسمه سولف لأنه إن كان يحمل اسماً كهذا لدعوتها إلى تطليقه بنفسي، وأولاد خالتي جميعاً بخير، وكل الحديث الذي ذكرت كذب في كذب، لكن ما الذي دعاني إلى كتابة هذا الكلام فجأة، لقد انتابني شعور غريب وأنا أتابع على الأقنية التلفزيونية والإذاعية أهم ما حصل في عام 2001 وأستذكر بعض ما حصل في القرن المنصرم شعرت فجأة بأن كل الإعلام الغربي الموجه إلينا هو على هذه الطريقة والأمر ليس جديداً بل قديم جداً.

فستالين قتل 2 مليون مواطن روسي صالح يذهب كل يوم إلى الحقل أو المصنع ويعود مباشرة إلى البيت، ستالين فعلها، هذا ما تقوله الأجهزة الإعلامية الغربية التي وصلت في آخر المطاف إلى المذيعة جزيل خوري، بالطبع سيصدق الكثيرون هذا الكلام ويهزون برؤوسهم ويتبنون هذا الكلام وكأنهم من مواليد موسكو 1900 خلف البرلمان بالقرب من بقالية أبو نيكولاي إستمينوف جادة (4) خانة (1). وبالتأكيد لن يذهب أحدنا الآن ويعد القتلى، ويتأكد من جذورهم وكيف قتلوا، إن كان إيفان مثلاً الذي قتل في تاريخ كذا صياد سمك، مخرباً، أم تاجر مخدرات.
وبالطريقة نفسها يستطيع الإعلام أن يخبرنا أن الشعب السوفيتي المسكين كان يعيش في حالة مزرية، وقد استطاع البطلان غورباتشوف ويلتسين، أن يخلصا الشعب الروسي من المذلة التي كانوا يعيشون تحت وطأتها- وهذا الخبر منقول حرفياً من إحدى المحطات العربية-، طبعاً سنجد هناك من يتبنى هذا الكلام ويضرب على صدره ويقول أنا أعرف هذا الكلام أنا متأكد من ذلك، لقد كنت هناك ورأيت كل شيء بأم عيني، هذا الشخص نفسه لم يغادر بلدة قدسيا الواقعة في إحدى ضواحي دمشق إلاّ ليشتري الخضرة مع والده.
وبالطريقة نفسها يخبرنا الإعلام أن اليهود أحرقوا بالملايين في محارق الهولوكوست، وأن شلومو لا يزال يبحث عن أي خبر عن جدته التي يظن أنها لا زالت على قيد الحياة وأنها نجت من المحارق، مع أن شلومو هذا يعرف تماماً أن جدته إن كانت نجت من الإحراق المزعوم لكانت أصبحت عظامها مكاحل، هذا إن كان شلومو كله على بعضه موجوداً .
كل هذه الأمور دعتني للتفكير للحظات وأنا أشاهد للمرة المليون الشريط المصور لأحداث 11 أيلول وأنا أتابعها على التلفاز أن الأمر كله تلفيق بتلفيق وأنه كذبة جديدة بعنوان 11 أيلول، عوضاً عن الفشل الذريع الذي تمنى به كذبة 1 نيسان كل عام، فأنا بأم عيني وأذني رأيت وسمعت في 11 أيلول عبر التلفاز خبراً مفاده بأن هناك شيئاً أصاب البيت الأبيض في نفس ذلك التاريخ، ولم تبث أية من وسائل الإعلام لاحقاً أي من الأخبار حول هذا الموضوع فيما بعد، بالإضافة إلى ذلك الخبر الغريب الذي جاء حول عدم تواجد4000 يهودي في مبنى التجارة العالمي في ذلك اليوم، كيف أستطيع أن أصدق أي شيء إن الأمر بحاجة إلى الكثير من التمحيص والتفكير لتصديق الأخبار.
وتبين لاحقاً أن الأمر (عن جد) لكن اللعبة الإعلامية تتفاعل بشكل أوضح فيما بعد، عند بداية الحرب على أفغانستان تأتينا الصور أول الأمر عن محطة الجزيرة وكأن أفغانستان لا يوجد فيها أي بناء، وبعد دخول قوات التحالف الشمالي إلى كابول نكتشف أن هناك أبنية وشوارع، نبعت فجأة. وفي مجال آخر نسمع أن طائرة أسقطتها القاعدة لكننا نكتشف لاحقاً أن الطائرة أسقطت القاعدة، وبنفس الطريقة، يتنقل أسامة بن لادن بسرعة الضوء عبر نشرات الأخبار كساحر من محطة فضائية إلى أخرى فهو تارة في جنوب شرق أفغانستان وتارة أخرى في باكستان، وهناك من يقول أنه في السودان.
ماذا أعرف .. ماذا تعرفون ؟ !!!
أنا أجلس بهدوء خلف كرسي أشاهد حصيلة عام 2001 وأشعر أن الأخبار تنتقل من مكان لمكان بنفس الطريقة التي تنتقل الأخبار في قرية خالتي عيشة، فأبو محمود ضرب زوجته، أم عبد ذبحت خروفاً لرئيس البلدية، ونواف يخون زوجته يخرج كل يوم من منزله ويعود مسطوحاً، ونعرف لاحقاً أن نواف مخلص لزوجته وهي التي تخونه.

معلومات إضافية

العدد رقم:
166