عمرو سواح عمرو سواح

إحراق الأوراق الثقافية الدراما السورية.. قطعة موسيقى كلاسيكية

من مميزات الدراما الرمضانية لهذا العام أنها كانت منسجمة بحركاتها كأنها موسيقى كلاسيكية تطرب الأذن في أربع حركات:

 الحركة الأولى:

وهي الحركة الأهم حركة الثقافة داخل هذه المسلسلات فبعد أن بحت أصوات المثقفين، وانبرت ألسنتهم في الحديث عن الدور الثقافي والمعرفي الذي يجب أن تلعبه الدراما في الشارع، جاءتنا الثقافة دفعة واحدة وبأشكال متنوعة، وظهرت كل الشخصيات في المسلسلات السورية مثقفة بدءاً بمسلسل الأرواح المهاجرة -المقتبس عن رواية (بيت الأرواح( للكاتبة إيزابيل اليندي دون أن يشار إلى ذلك- والذي تتحدث شخصياته كأنها قفزت للتو من إحدى روايات دستويوفسكي بعد الترجمة، أو إحدى روايات الواقعية الجديدة. فثقافة الخدم لا تبتعد كثيراً عن ثقافة السادة، وقد يصل الأمر إلى أن ثقافة الفلاح في الأربعينات من القرن الماضي أكبر من ثقافة السيد، وهذا ينطلق من رؤية كاتب المسلسل للقرية الفاضلة. ننتقل بعدها إلى مسلسل حمام القيشاني، والذي يملي منذ حلقاته الأولى على المتفرجين دروساً ووعظاً في التاريخ، وشخصياته أيضاً كلها مثقفة، فالشخصيات الشيوعية في المسلسل تتحدث وكأنها كانت ملازمة لكارل ماركس عندما كان يؤلف رأس المال، والشخصيات القومية السورية نبتت من بنات أفكار أنطوان سعادة، والشخصيات البعثية في المسلسل تتحدث وكأنها في اجتماع حزبي وإن كانت في المقهى، وكل شخصيات المسلسل تتحدث في أمور السياسية حتى في ساعات الغرام والحب.
تختلف تجليات الثقافة في بقية المسلسلات ونلاحظ ظهورها بأشكال متنوعة، ففي إحدى حلقات مسلسل أبيض ..أبيض تخرج فرح بسيسو ملحمة جلجامش من المكتبة وتناقش في أساطير الخلود ومفاهيم الخلق. وفي مسلسل قوس قزح لمؤلفه خالد خليفة، تترك الكتب التي كان وائل رمضان يقرأها في بيته، ونكتشف لاحقاً أنه كان يقرأ للروائي ميلان كونديرا والروائي خالد خليفة في نفس الوقت، كما وتضرب بعض شخصيات المسلسل أمثلة من بعض الروايات العالمية.

الحركة الثانية:
هي حركة اللاثقافة في عدد آخر من المسلسلات كـ (لو جميل ألو هناء) وهو نموذج تعليمي متميز لتعلم كيف تخرج وتكتب مسلسلاً سيئاً في أقل عدد من الأيام.

الحركة الثالثة:
 وهي حركة التقارب والتآخي بين المسلسلات، فلو أزحنا شارات مسلسلي حكايا المرايا وسبوت لايت، لنتج لدينا مسلسل واحد من 60 حلقة، ولو أننا أزحنا شارات مسلسلي قوس قزح والفصول الأربعة، لنتج لدينا مسلسل آخر من 60 حلقة أيضاً، أما إن نحن أزحنا شارات مسلسل ألو جميل ألو هناء ومسلسل جميل وهناء في جزئه الأول، لما نتج لدينا أي شيء.

أما الحركة الرابعة :
 فهي حركة ألم فظيع انتاب بعض المتفرجين بعد أن شاهدوا الحلقات الأولى من كل مسلسل لينطلقوا بعدها ليشاهدوا المسلسلات المصرية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
165