القاهرة تحتفي بدرويش

أحيا الشاعر الفلسطيني محمود درويش أمسية شعرية يوم 26/1/2004 ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي السادس والثلاثين للكتاب، وكانت القاهرة على موعد مع ليلة عائدة من لياليها الصاخبة في رحاب شعر القضية الوطنية عندما احتشدت جماهير غفيرة غصت بهم القاعة، حتى اضطر الكثيرون للاستماع واقفين، في احتفالية نادرة أعادت الحيوية إلى أمسيات الشعر في مصر.

ووسط عدد من المثقفين والفنانين المصريين والعرب، أقيم قبل بدء الأمسية حفل استقبال لدرويش، وقدم له رئيس الهيئة المصرية للكتاب التي تنظم المعرض درعا تذكارية. وقال إن درويش «واجهة لثقافتنا وإبداعنا العربي ونفخر بأنه جزء من عصرنا»، مشيرا الى أن قليلين من المبدعين الكبار في أي عصر وأي بلد من يتحولون إلى رمز كما حدث مع درويش الذي «أصبح رمزا لنضال الشعب الفلسطيني ولجرح العرب». 

وأضاف أن النضال الثقافي في فلسطين «لا يقل عن النضال بالسلاح حيث تتعمد اسرائيل حرمان الشعب الفلسطيني من القراءة في حرب أكثر ضراوة من التي يمارسها العدو الصهيوني ضده».

وفي نبرة التحدي المعهودة في درويش طاف الشاعر الكبير في فضاءات الثورة الفلسطينية، وألقى عددا من قصائد ديوانه الجديد «لا تعتذر عما فعلت» الذي صدر في تشرين الثاني الماضي ومعظمها يبدو كحوار بين الشاعر وذاته. 

وألقى درويش مقطعا من قصيدته الشهيرة «خطبة الهندي الأحمر ما قبل الأخيرة أمام الرجل الأبيض» ثم حاول إنهاء الأمسية بمقطع من قصيدته «سقط القناع»: 

حاصر حصارك لا مفر 

اضرب عدوك لا مفر 

سقطت ذراعك فالتقطها 

وسقطت قربك فالتقطني 

واضرب عدوك بي 

فأنت الآن حر وحر وحر 

قتلاك أو جرحاك فيك ذخيرة 

فاضرب بها 

حاصر حصارك بالجنون وبالجنون 

ذهب الذين تحبهم.. ذهبوا 

فإما أن تكون 

أو لا.. لا تكون 

وبعد نزوله من المنصة طالبه الجمهور بالعودة فألقى مقاطع من ديوانه «جدارية»:

مثلما سار المسيح على البحيرة 

سرت في رؤياي لكني نزلت عن الصليب 

لانني أخشى العلو ولا أبشر بالقيامة 

لم أغير غير ايقاعي 

لاسمع صوت قلبي واضحا 

للملحميين النسور ولي أنا طوق الحمامة 

نجمة مهجورة فوق السطوح 

وشارع متعرج يفضي الى ميناء عكا 

ليس أكثر أو أقل 

إلى أن يختم إنشاده بالقصيدة نفسها قائلا: 

هذا البحر لي 

هذا الهواء الرطب لي 

هذا الرصيف وما عليه من خطايا و«سائلي المنوي» لي 

ومحطة الباص القديمة لي 

ولي شبحي وصاحبه وآنية النحاس 

وآية الكرسي والمفتاح لي 

والباب والحراس والأجراس لي 

لي حذوة الفرس التي طارت عن الأسوار لي 

وقصاصة الورق التي انتزعت من الإنجيل لي 

 

والملح من أثر الدموع على جدار البيت لي..