ماذا تقول يا صاحبي؟.. الخط الفيصل بين «الخلّبي» والحقيقي

■ أتعلم أن حكومة إحدى دول الخليج أعلنت عن ثلاث فرص عمل لقضاة متمرسين من سورية، وحددت المؤهلات المطلوبة والشروط الواجب توفرها وبينت الرواتب «خمسين ألف من عملتها» وعددت الحوافز والمغريات (سكن ـ سيارة ـ موبايل ـ وتذاكر سفر...)، وكالعادة سارع أصحاب «العلاقة» إلى اختيار ثلاثة من القضاة وطلبوا منهم إعداد اللازم للاستفادة من هذه الفرص الذهبية.

●● وماالجديد في الأمر، فهذه عادة معروفة «اختيار المقربين»؟

■ الجديد أن الثلاثة الذين رشحوا لشغل هذه «المناصب» اعتذروا وبرروا سبب الاعتذار بأن وضعهم في مراكزهم هنا أفضل بما لايقاس مما توفره فرص العمل المذكورة، وأن ما يدخل عليهم هنا أكبر وأدسم!!

●● لشد مايقلق الإنسان «القَلِقُ أصلاً» سماعه الدائم لقصص وحوادث من هذا النمط، لدرجة أن الصدر يضيق، فما من جلسة أو لقاء أو حديث بين الناس إلا وتسمع الكثير مما جرى ويجري مع فلان أو علان من المواطنين.. من قصص الفساد والإفساد، وقد يظنها من يسمعها لأول مرة أنها حدثت أو تحدث في غير مجتمعنا وعالمنا.

■ وأنا بدوري أقول لك الآن وماالجديد في الأمر؟ وماالغرابة في ذلك؟!

●● وتسألني ماالغرابة؟ أولست واحداً من هؤلاء المواطنين المعانين حتى النخاع مما يمر بهم خلال سعيهم وراء اللقمة الشريفة، وبالكاد يحصلون على الطعام. على تواضع ما يأكلون.

■ وماالفائدة من الحديث عن ذلك.. ماالفائدة من النفخ إذا كانت القربة مثقوبة، ولا تؤاخذني إذا قلت لك إن ما تتحدث عنه وأنت موجوع يراه من بيدهم الأمر «نقاً فارغاً وكلاماً فاضياً».

●● إذا كان ما جهر به ويجهر به المواطن المتألم «كلاماً فارغاً» فإن عدم إحساس هؤلاء بمعاناة الحصول على اللقمة والحفاظ على الكرامة وعدم وضعهم حداً لما يحصل، فهو المصيبة الكبرى والطامة العظمى.. وهو أمر لايطاق.. إذ لاقيمة للإنسان ولاكرامة للمواطن في ظل مثل هذا التعامل الذي لايجوز أن يستمر تحت أية ذريعة أو حجة!!

■ رويدك فالانفعال لايفيد.. وهو لايصلح حالاً ولايعيد حقاً. وعليك انتظار نتائج الإصلاح الذي مافتئت وسائل الإعلام تتحدث عنه ليل نهار.. أولم تسمع به يارجل؟!

●● لقد سمعت منذ كان سعر كيلو اللحمة مائة وعشرين ليرة واليوم سعرها تجاوز أربعمائة ليرة. ولكن أقولها بكل الصراحة والوضوح...إن أي إصلاح لا يكون فيه  ـ أولاً وقبل كل شيء آخر ـ مصلحة الشعب، ووقف النهب ومحاربة الفساد والمفسدين.. فهو محض ادعاء ومحض استهتار بأوجاع المواطنين وهو تطاول على حقوقهم وكرامتهم....... 

فماذا تقول ياصاحبي؟!

■ محمد علي طه

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.