مهرجان الأغنية الفراتية.. اسم كبير.. وعمل متواضع
الغناء من الأشكال الراقية التي يعبر فيها الإنسان عن فرحه وحزنه.. عن شقائه وسعادته بدءاً من أغاني الرعاة إلى أغاني الفلاحين أثناء عملهم وحصادهم. وعندما نسمع بالأغنية الفراتية يتبادر إلى الذهن الأغنية التي تمتد من جرابلس شمالاً إلى البوكمال شرقاً (طبعاً جغرافياً في سورية).
وعندما يتم الحديث عن مهرجان الأغنية الفراتية هذا يعني أن المهرجان تسبقه دراسات واستعدادات وتوفير إمكانيات يتطلبها هذا المهرجان بالإضافة إلى تحديد أهدافه: كإحياء التراث وتطويره شكلاً ومضموناً.
هذه المقدمة تقودنا للحديث عن مهرجان الأغنية الفراتية الذي أقيم في المركز الثقافي بدير الزور على مدى يومين الأربعاء والخميس 07-08/7/2006.
وبداية نسجل الشكر لفرقة الفرات الموسيقية بقيادة يحيى عبد الجبار التي أعدت وقدمت الأعمال رغم الإمكانات المادية القليلة التي حاولت على الأقل فلها أجر وإن لم تصب.
وقد أدى اللون الفراتي العديد من المبدعين الشعبيين كإبراهيم الجراد وذياب مشهور ومحمد الهزاع. وقد انتشرت الأغنية الفراتية وأصبحت معروفة كالموليا ويابو ردانة والماية بمساهمة بعض الموسيقيين كيوسف الجاسم (أبو حياة).
وكنا نأمل أن يتم تكريم من ساهم في نشر الأغنية الفراتية في هذا المهرجان لكن ذلك لم يحصل؟!
والغناء الفراتي تميز بسمات مستمدة من البيئة الفراتية كالإيقاع الهادىء المتناسب مع انسياب نهر الفرات وامتداداته وامتدادات البادية والصحراء المجاورة. كما تميز بالدفء والحنية وطابعه الحزين حتى في التعبير عن الفرح. لذا كان يؤدى غالباً فقط مع (الدف) (والشاخولة) كآلتين موسيقيتين. وهو يتقاطع مع الألوان الغنائية في غرب العراق فالعتابة والفراقيات والهواديات انتقلت إلى غرب العراق مع القبائل الرعوية. وقد أدى المطرب أمين ياسين ذلك جزئياً.
وللغناء الفراتي أشكال متنوعة كالعتابا والسويحلي والنايل وحتى الميجنا الفراتية تتميز بهدوءها. وكذلك الموليا والمتميز، ولا زالت هذه الأشكال مستمرة ومنتشرة رغم الهجمة الفوضوية في الغناء.
وللحديث عن المهرجان شجون، فقد قدمت الفرقة حوالي 15 أغنية بكلمات جديدة وألحان جديدة، لكنها تفتقد إلى اللون الفراتي لحناً وكلمات فقد اتسمت باللون العراقي ولم تخرج من تحت عباءته باستثناء أغنيتين أو ثلاث كأغنية طبع السنين من كلمات هشام سفان وألحان يحيى الرباح وغناء عبد القادر حناوي المتميز بصوته وأدائه.
وأغنية وحدة من ألحان الأستاذ محمد جراد. ويمكننا أن نسوق بعض الملاحظات الإيجابية:
1 - مشاركة الفتاة ربا جمال دور فتحية لها ولوالدها الذي شجعها وقدمها.
2 - الإصرار على تقديم الأعمال رغم الإمكانات المادية القليلة، وهذا يفتح تساؤلاً لماذا هذا التقصير في الدعم المادي؟
وندعو المؤسسات الحكومية والخاصة لدعم ورعاية هذا المهرجان.
كما نلاحظ العديد من جوانب التقصير:
1 - التغطية الإعلامية والدعاية الضعيفة وغياب المسؤول الثقافي في المحافظة.
2 - عدم دعوة الشعراء والكتاب للمساهمة في المهرجان ككلمات.
3 - عدم دعوة الموسيقيين للمشاركة في تطوير المهرجان وانحصار الألحان بأعضاء الفرقة.
4 - توزيع الألقاب الفنية بسهولة لبعض المؤدين.
كل الشكر لأعضاء الفرقة الموسيقية وإن كنا نأمل أن يتطور المهرجان ويساهم في تطوير الأغنية الفراتية.