لقاء لم ينشر مع الفنان التشكيلي الراحل : فاتح المدرّس.. الأثر الإنساني يجب أن يشير إلى صاحبه وليس إلى الآخرين
تعلّمت من الأرض الفصول الأربعة.. تعلمت اللون ومعنى الحزن..
■ الفنان عندما يرسم والكاتب عندما يكتب... يجب أن يقول إنني أقدّم نتاجي إلى شعب ذكي.
ملاحظة: من نافل القول أن عدة صحف ومجلات أبدت رغبتها في نشر هذه المقابلة لقاء مكافأة مالية مجزية. وحرصاً مني على استمرار تألّق جريدة قاسيون فقد فضّلتها على ما عداها..
ضيا
في الخامسة من مساء 28 يونيو (حزيران) عام 1999 غيّب الموت الفنان الكبير فاتح المدرس في مستشفى أمية بدمشق عن عمر ناهز الـسابعة والسبعين .
في الذكرى السابعة لرحيل الفنان التشكيلي السوري الكبير فاتح المدرّس يسرّ جريدة "قاسيون" أن تنشر مقابلة مع هذا الفنان العظيم، سبق وأجريت معه في أعقاب تكريمه في مهرجان المحبة السابع باللاذقية في صيف عام 1995 ولم يتحْ لهذه المقابلة أن ترى النور..
قبل بداية موعد اللقاء المتفق عليه بدقائق، أطلّ بقامته النحيلة وخطواته البطيئة وهدوئه الساحر وهو يبحث عني في بهو الفندق متفحصاً الوجوه بعينيه الباحثتين اللتين يشعّ منهما العنفوان والصلابة رغم مرور أكثر من سبعين عاماً على وجودهما بهذا المبدع الخلاق.. استقرّت عيناه صوبي وأقبل باسماً ملقياً تحية المساء..
حاولت جاهداً تبديد الرهبة والقلق اللذين سيطرا على مشاعري في بداية اللقاء.. إلا أن تواضعه الجمّ وعفويته ودماثته... حطمت تلك المشاعر المسوغ وجودها بحضور فنان كبير كفاتح المدرس. وكان معه اللقاء التالي:
■ لكل فنان بداية، وتبدأ عادة موهبته بالظهور منذ الطفولة . هلاّ حدثتنا أستاذ فاتح عن بداياتك الفنية؟
■■ البداية، كأي طفل أول ما يرسم، يرسم على الوحل إذا كان هناك نهر. ثم يتأمل المخلوقات والنباتات التي حوله. بعض الأولاد يهتمون بهذه الحيوانات الصغيرة (لضفادع، الأسماك، الأزهار، الثعالب...) نشأتي كانت بين المدينة والريف الجبلي في الشمال السوري. والدي كان مزارعاً انخرط في الثورة السورية الكبرى واستشهد. وربّينا ما بين أخوالي في الشمال. وربّيت أخي وأنا في كنف أمي التي هي أيضاً من الشمال. في الشتاء في المدرسة كنا نرسم كما يرسم الأطفال. والريف هو ريف جبلي صعب جداً. تعلّمت من الأرض الفصول الأربعة وأشياء كثيرة أخرى.. تعلمت اللون وفعل الضوء على الألوان وما معنى الأرض، وما معنى الحزن، وما معنى القتل.. فالحياة في الريف وتحديداً في الريف الجبلي هي حياة صعبة، فبعد الحرب العالمية الأولى تحمّلنا تبعات الحرب وانعكاساتها على المجتمع. فالبدايات حسب سؤالك كانت نوعاً من دقة الملاحظة والتجربة، تجربة الرسم على الجدار.. الحوّار.. وترجمة الأشياء التي أراها بأسلوب شخصي.
طفل يرسم سمكة كما هو يشاء، وليست كما هي بالضبط. وهذا شيء جميل جداً. فالبراعة لم تكن يوماً ما فناً، كما قلت لك، ثبت فيما بعد أن الفن ليس براعة، هو الصدق الذاتي. الأثر الإنساني يجب أن يشير إلى صاحبه وليس إلى الآخرين. فإذا قلّدت رسم سمكة فهذه نوع من البراعة ولكن ليست هي الصدق التشكيلي.
ففي الطفولة كان لي اهتماماً شديداً في الرسم وبعد ذلك قراءة الكتب الخرافية (حمزة البهلوان، سيف بن ذي يزن، عنترة...) ثم بدأت بكتابة القصة القصيرة وترجم العديد منها إلى اللغات العالمية. كما أنني أحب الموسيقى ولي تجارب شعرية. وأنا أرى أنها كلها تدور في فلك واحد.
فالإنسان يرسم بالألوان أو بالقلم.. وأحياناً يرسم بالكلمة. لأن الكلمة مهمة جداً فهي تحتوي على عدة صور. فالكلمة شيء مجرد تعطي معنىً عاماً، أما التصوير والرسم فيعطي ذات الشيء ولكن يترجم ترجمة شخصية أي ذاتية، عمل ذاتي محض.
■ أين موقع الفن التشكيلي العربي بالنسبة للفن العالمي وهل أضاف شيئاً جديداً للفن التشكيلي؟ بمعنى أن المدارس الفنية نشأت وتنشأ في الغرب دائماً. ترى ما هي أسباب عدم إسهام الفنانين التشكيليين العرب في إحداث مثل هذه المدارس؟
■■ قبل المدارس الحديثة، نقول الحديثة بعد عصر النهضة، أي في أوائل القرن الثامن عشر، كان الفن الشرقي. والعرب ساهموا فيه أيضاً وهو ما يسمى بالفن المغولي، الرافدي، الكتب العربية، الكتب الطبية... كلها كانت مصورة عند العرب. أما المدارس بمفهومها الحالي: (الكلاسيكية، الكلاسيكية الحديثة، الرومانسية، الواقعية، التأثيرية، الانطباعية، التجريدية.. والآن يجري الرسم بالآلات الإلكترونية...) هذه المدارس كلها جاءتنا بأواخر العهد العثماني عندما بدأ بعض الفنانين الأتراك الموجودين في سوريا الذين ذهبوا إلى ألمانيا ودرسوا. وبعض المصريين أيضاً اتصلوا بالحضارة الأوروبية... دخل مفهوم الرسم الزيتي.
أما المدارس التي تعلق بها الفنانون العرب هي ما نسميه الكلاسيكية الحديثة وفيما بعد الانطباعية على الطريقة الأوروبية. لكن كان هناك دائماً لمحة سرية خفية. فهذا الرسام الذي يرسم الانطباعية على الطريقة الأوروبية، كان لديه الحس الشرقي أو الحس الجغرافي المحلي.. فالإضاءة تختلف، التعبير النفسي يختلف واستعمال الألوان يختلف... فالألوان في بلدنا مثلاً غير تلك الألوان في أوروبا. فهم لديهم اللون الأخضر كمادة أساسية في طبيعتهم. الوضع السيكولوجي للإنسان لديهم يختلف عن الوضع السيكولوجي للإنسان العربي.
لقد كانت التلمذة على أيدي الفنانين الأوروبيين. لكن لم تظهر عندنا مدرسة بمعنى المدرسة. فالمدرسة تعني أسلوب في الرسم تقدم على أسلوب سابق أو أسلوب فنان معين أعجب به أبناء عصره فتتلمذوا على يده. فالفنان روفائيل تتلمذ على يديه الكثير من الفنانين الفرنسيين والإنكليز. وبعضهم ربما تقدم على روفائيل، لكنه ظل ممثلاً عصره. ثم الاحتكاك السياسي والاقتصادي والعسكري في الشرق العربي وأوروبا بعد نابليون، بدأنا بداية نقلد المدارس الفنية الفرنسية والإنكليزية ولم نكن نحن نبادر في الفن الحديث. المبادرة لم تكن من الشرق. لكن إذا نظرنا إلى فننا هنا في سوريا أو مصر، نرى أن هذا الفن القديم يحمل مفاهيم وبذور الفن الحديث. وهذه الحقيقة لا ينكرها الأوروبيون وليس في مصلحتهم ذكرها. فالفن الحسي في شمال سوريا هو فن سوري لكن فيه الكثير من الحداثة. فالسوريون منذ آلاف السنين قدموا أعمالاً فنية بالنحت حديثة جداً. هم يقولون إنه فن بدائي، وهو ليس كذلك فهو كان فناً يرعب الجمهور (فن الملوك والمحاربين، فن العظمة، فن الآشوريين، فن الأباطرة الذين حكموا الشرق..) فالمقارنة بين الفن السوري والفن اليوناني مثلاً، نجد أن التشريح في النحت السوري يفوق أحياناً الفن اليوناني لخصوصيته مثلاً: ( اللبوة الجريحة والحصان والشخصية المهيبة للإنسان..) كان له نوع من التأثير النفسي للفن وهذا هام جداً.
■ كيف يمكن للفنان أن يحقق المعادلة الصعبة بين تقديم نتاج فني حديث متطور وبين إرضاء ذوق الجمهور العادي الذي يصعب عليه إدراك ما يبتغيه الفنان من لوحاته؟
■■ هذا يحلّ بطريقة سحرية، وهو أن الرسام يجب أن يعتبر الجمهور ذكياً وليس غبياً. عندما تحترم الجمهور ستنتج بطبيعة الحال فناً محترماً. أما أن نقول هذا الجمهور لا يفهم ومعلوماته عن الفن التشكيلي ضئيلة (يلّلا مشّيها)... قدّم له مثلاً: زهرة، تفاحة، بنت حلوة، وجه جميل... فالجمهور مهذب وسيقبل بها. ولكن لو أفهمته بأن الفن التشكيلي كأيّ علم من العلوم له أصوله ويتقدم مع الزمن ويتطور، وعليك أنت أيضاً أيها المواطن أن تثقف نفسك في هذا المجال. لأن السيارة تأخذ من الفن الحديث، العمارة تأخذ من الفن الحديث، تصميم علبة الدواء نفسها يدخل فيها الفن التشكيلي، الإعلام العسكري والإعلام السياسي والإعلام التربوي... فالمدارس تهتم كثيراً بالرسم للأطفال الصغار. لأن الفن يعلمهم محبة الآخرين، لأن الفن في حقيقته أخلاق. يمنح الفنان دماثة في الخلق. يوسع خياله ومدركاته ويتعرف على العالم. ويؤمن الفنان أن العالم ليس شريراً، وأن العالم شيء جميل. إذن علاقة الفن بالجمال هي خطوة سيكولوجية هامة جداً، لأن الجمال يقود بطريقة سحرية نحو العدالة. وعندما تكون أنت عادلاً، حاكماً عادلاً، فأنت فنان. أنت تفهم الجمال. حتى العدل والديموقراطية تنبع من أرضية جمالية. فالفن هو الأب الروحي لكل هذه الأخلاق، ويجب أن يكون الفنان أخلاقياً ليأتي فنه أخلاقياً أيضاً. فالعرب عندما أهملوا الفن التشكيلي – لسوء الحظ – خلال فترة الحكم العثماني عندما كان في أوروبا نهضة فنية تشكيلية كبيرة. نحن هربنا منها وكنا منفصلين تجارياً وسياسياً عن أوروبا. لم يكن لدينا مساهمة في الحضارة العلمية والصناعية في أوروبا لأننا انفصلنا هذا الانفصال. ولحسن الحظ فإنه في العصر الحديث استطعنا أن نلحق قليلاً والمشرّع في البلاد العربية يجب أن يكون جميلاً أيّ يتفهم الجمال. فالقائمون على الحكم يجب أن يكون في نفوسهم الخلق الفني. لأن الخلق الفني يؤدي إلى محاكمة عادلة كمالية في نفس الإنسان. وهذا هو الطريق الصحيح للوصول إلى الديموقراطية. انظر مثلاً عندما انعدمت الديموقراطية في روسيا وصار السلطان للشرطة... الفن الحديث كُبح!
مع أن الشعب الروسي مغرم بالفن، لكنه قُمع! فكانت النتيجة أن أغلبية الشعب الروسي أُصيب بالحزن والإحباط! وهذه النتيجة أدّت لانبثاق الجريمة في الكثير من مناطق الاتحاد السوفييتي السابق. علماً أن الشعب الروسي شعب دمث الأخلاق وكريم وفنان...
لماذا تحدث الآن هذه الجرائم المنظمة في الاتحاد السوفيتي السابق؟ كلها حصاد لقتل مفهوم الجمال من قبل المشرّع الذي استخدم الشرطة، فالفن قضية هامة جداً في حياة الشعوب.
■ يقول أحد النقاد: الفن التشكيلي يخاطب النخبة ولم يكن في يوم من الأيام يخاطب عامة الناس . ولهذا السبب يتاح للفنان التشكيلي ما لا يتاح لغيره من الفنانين الآخرين من حرية تعبير وعرض ... بدليل أننا لم نسمع عن اعتقال السلطات لأي فنان تشكيلي مهما كان نتاجه معارضاً لهذه السلطات؟
■■ هذا صحيح، لأن الفنان ينظر إلى الجانب الجميل من الحياة ويتجاهل الجانب القبيح منها... وهذا يمنحه سلاماً داخلياً، وعلاقته مع الآخرين في الخارج تكون أكثر سلاماً ومبنية على دعائم أخلاقية ديموقراطية استطاع أن يكوّنها في بنيانه الذاتي. أما السؤال حول أن الفنان يكلّم النخبة، فهو صحيح وغلط بآن واحد؛ صحيح لأن الفن هو عمل ثقافي. وغير المثقف لا يفهم الفن ولا يفهم الأدب أيضاً حتى أنه لا يفهم التجديد في الحياة. فهو ضد الجديد لأن الإنسان عدوّ ما يجهل. ولما كان الفن التشكيلي فناً ثقافياً. والمفروض بالمتلقي أن يكون مثقفاً. وليست الثقافة التشكيلية من الصعوبة بمكان بحيث أننا لا نستطيع أن نعممها على الشعب. بل نستطيع، فمثلاً هذا البيينّال والذي هو عبارة عن تظاهرة فنية تشكيلية تقام كل سنتين على نطاق واسع... معناه تكريم للإبداع العربي كما نكرّم الصناعة العربية، الزراعة العربية.. نكرّم أيضاً الفكر العربي. لأنه عن طريق الفن التشكيلي نستطيع نحن العرب أن نساهم في شكل العالم، فالعالم له شكل ويتغير. فالعمارات حالياً في ألمانيا ليست لها علاقة مع نظيراتها قبل عشرين أو ثلاثين سنة.. فقد أدخل إليها الألمنيوم والشمس والزجاج والنباتات وكذا...! من حوّلها؟ من صنعها؟ إنه الفنان والمهندس الذي درس الفن التشكيلي والصناعي الذي درس الهندسة والفن التشكيلي.
فالفنان ليس منعزلاً عن الشعب، هو من الشعب لكنه مثقف. إذن على المدارس أن تساهم باستمرار في خلق جيل يفهم جمال الأرض جمال الوطن جمال الإنسان...أنا أؤمن أن بكل إنسان جانب فني، لكن علينا أن نتفهم ونتعرف على هذا الجانب الخجول في الإنسان.
فمثلاً كانت أمي المرحومة جاهلة لا تقرأ ولا تكتب. لكنها كانت تناقشني بلوحاتي، بألوانها؛ هذا اللون موجود في المنطقة تلك التي كان لنا فيها أرضاً. وهذا الضوء يشبه ذلك الضوء الذي كان على الحائط في بيت خالك... ففي الخريف يختلف ضوء الشمس عنه في الصيف القائظ على الحائط... كانت أمي تحذرني من استخدام اللون الأخضر البشع ومن اللون الأصفر غير الطبيعي... فالفنان عندما يرسم والكاتب عندما يكتب يجب أن يقول إنني أقدّم نتاجي إلى شعب ذكي.
■ (بيينّال) مصطلح جديد بدأ استخدامه منذ فترة، وهو مصطلح أجنبي لماذا لا نعرّبه؟
■■ بيينّال يعني معرض كل سنتين أو ملتقى السنتين. والواقع أن بعض الكلمات إذا تعرّبت تفقد جمالها... وأنا لست مع التعريب كلية. فمثلاً (راديو) كلمة جميلة ولا أجد ضرورة لتعريبها إلى مذياع. فلتكن لغتنا حديثة. وأنا أعتقد أن العالم كله سوف يتكلم لغة واحدة في يوم من الأيام ولكن طبعاً ليس الآن، بل ربما بعد ألف سنة... ولا أرى ضرورة للبحث دائماً عما يلائم المصطلح الأجنبي من ألفاظ عربية. خذ اللغة الإنكليزية مثلاً، فيها آلاف الكلمات العربية، ولم يجد الإنكليز حرجاً في ذلك.
■ ما رأيك بالحركة الفنية التشكيلية بدول الخليج العربي؟
■■ أدهشني النتاج الفني التشكيلي الخليجي. فقد تعرفت على الفن الخليجي منذ أكثر من خمسة عشر عاماً في الكويت. ورأيت ملامح قومية عميقة الجذور في أعمال الفنانين الخليجيين. ولكن بهذا المعرض الفني باللاذقية أدهشتني الجدية في الإنتاج السعودي والكويتي. وفسرت ذلك أن الحرب التي شنها حاكم العراق وما تركت من آلام، شحذت الطاقة الإبداعية لدى فناني هذا الشعب العربي الخليجي. وأفرحني ما رأيت، لأنني كنت أقول نحن العرب لا نواكب بجدية الفن التشكيلي الأوروبي. ولكن ثبت أن للفنان العربي خصوصيته، وأنه أكثر جدية وحساسية من الفنان الغربي.
■ ما هو شعورك بظاهرة التكريم؟
■■ أولاً، توجيه هذا السؤال لي فيه نوع من الإحراج، لكن لا مانع من الإجابة؛ التكريم كما أترجمه أنا هو أنك أيها الفنان الذي عمل طوال حياته، أنت لست غريباً في وطنك. نعم، المشرع يقدّر ويرى ويحكم... وهذه بادرة طيبة تمنح السرور لقلب الإنسان. لكنني أؤمن بحكم الزمن أكثر من حكم الأشخاص. صحيح أن جائزة التقدير المالية التي منحوني إياها تعدّ هزيلة قياساً بعمري الفني والزمني.. فقد بلغت من العمر عتيّا ولم يتبقّ لي الكثير من الأيام لأحياها وأستمتع بها. ومن غير المعقول مثلاً أن الراقصة التي تهز خصرها بإحدى الحفلات تأخذ أضعاف ما نلته بهذا التكريم... أو لاعب كرة القدم الذي يحقق هدفاً بمرمى الخصم في إحدى المباريات، يغمرونه بالهدايا والعطايا وما إلى ذلك... ومع ذلك لا يسعني إلا أن أقول لهم شكراً.
■ أيمكننا القول أن هذا التكريم جاء متأخراً؟
■■ لا، لم يكن متأخراً. نحن في سوريا لدينا أولويات كثيرة... نحن نحارب منذ نصف قرن. نحن شعب لدينا الكثير من المسؤوليات الكبيرة. والفنان السوري يدرك ذلك ولا يشتكي. من واجبنا أن نرسم جيداً ونرسم فناً قومياً له علاقة بالمفهوم العالمي. وأن نواكب الحضارة العالمية. وهذا البيينال هو أهم من التكريم. في سوريا وقبلنا الكويت ومصر، كان عندهم بينّالات هامة جداً على النطاق الدولي. هذا اللقاء هذا الفن الصامت الجميل، هذا اللقاء الدولي، هو عبارة عن حوار؛ أين نحن من الفن العالمي؟ ما هي خصوصيتنا القومية؟ ما هي وجهة نظرنا في الجمال، جمال هذا الوطن، جمال هذا الإنسان؟ هل للفن وظيفة؟ هل الفن حاجة أم أنه عبارة عن لعب؟ كل هذه الأسئلة مطرو حة وتناقش عبر أيام المهرجان. والدول التي تهتم بالبينّال يعني أنها دول تواكب الحضارة. أما التكريم لشخصي، فلا يسعني إلا أن أتقدم وأكون شاكراً. ولكن أؤكد مجدداً بأنني أؤمن بتكريم الزمن أكثر.