«أنا قلبي دليلي» وُلد مهزوماً

في إطار السيرة الذاتية، وفي توجه يبدو انه غدا مطلوباً بعد نجاح الكثير من الأعمال التي وضعت تحت المجهر سيرة حياة الكثير من عمالقة الفن، والظروف التي أثرت في تلك التجارب؛ جاء مسلسل «أنا قلبي دليلي» (عن سيرة حياة الفنانة المصرية ليلى مراد بين 1916-1955) ليضعنا مرة أخرى أمام أزمة تأريخ السيرة الذاتية لشخصيات عامة، بكل ما يمكن أن يخلقه هذا التأريخ من إضاءات لمكامن جميلة وخفية عن الناس، أو إساءة وتشويه لحياة تلك الشخصيات.


المسلسل الذي يستمد اسمه من إحدى أشهر أغاني ليلى مراد، يصور صراعاً درامياً ساد بين أبناء الطائفة اليهودية المصرية في الفترة بين عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي، بين الذين يعتبرون مصر وطناً لهم لا يريدون مغادرته، وبين أنصار الحركة الصهيونية الذين يدعون أبناء الجالية الفقراء إلى الهجرة إلى أرض الميعاد.

عن المصادر التاريخية قال كاتب العمل السيناريست مجدي صابر: إنه اعتمد في كتابة المسلسل على 18 مرجعاً موثقاً عن الطائفة اليهودية في مصر تناولت جميعها حياة اليهود في المجتمع المصري وعلاقة بعضهم بالحركة الصهيونية، وأشار إلى أن المسلسل يتناول الاتهام الموجه إلى ليلى مراد بالتبرع بـ50 ألف جنيه لجيش الاحتلال الإسرائيلي عشية حرب الـ1948 ويكشف عن أسبابه، والى قرار تبرئتها، كما سيوضح كيف أنها خرجت بعد الثورة في قطار يجمع التبرعات للمجهود الحربي، كما قامت هي نفسها بالتبرع بألف جنيه من مالها الخاص، ثم للقضية الإشكالية الأخرى وهي اعتناق ليلى مراد للإسلام عند زواجها من الممثل أنور وجدي وبأنه أخذ قصته عن كتاب للكاتب صالح مرسي المستمد من مقابلة طويلة أجراها الأخير مع ليلى مراد وأصدرها في كتاب تم تداوله في حياتها ولم تعترض على نشره.

وبالجانب الفني يعرض المسلسل لمسيرة ليلى مراد الفنية حتى اعتزالها واختفائها التام عن الساحة الفنية بعد عام 1955، مع إنها توفيت عام 1995، أي انه أسقط ما يقارب إلـ40 سنة من حياتها، والعمل لا يعدو كونه عرضاً مبهرجاً لديكور وملابس تلك الأيام، ولكن على حساب أداء الممثل الذي افتقد عند الكثير من نجوم العمل إلى الإقناع، وعلى رأسهم الممثلة السورية صفاء سلطان التي تؤدي شخصية ليلى مراد، كذلك افتقد المخرج محمد زهير رجب القدرة على تقديم حالة إبداعية ساحرة وجاذبة، حيث كنا نتابع السرد المباشر للأحداث بلا عمق ولا متعة، وهذه أيضاً مسؤولية كاتب السيناريو والحوار مجدي صابر.

إن تقديم حياة الفنان بقالب درامي يحتاج قبل كل شي إلى خلق حالة إبداعية تكون قدر المستطاع مطابقة للشخصية الأصلية، وهو السر الأساس في نجاح العمل، والشواهد كثيرة كالعمل الذي تحدث عن حياة أم كلثوم، و أسمهان، وحتى «أبو ضحكة جنان» عن إسماعيل يس الذي يعرض حالياً، وهو ما افتقده «أنا قلبي دليلي » وجعله يواجه هزيمة جماهيرية .