محمد خالد رمضان محمد خالد رمضان

«فوق الهضبة» رواية لم تتخط أسوار الكلاسيكية

أصدر الأستاذ وليد أبو فخر روايته الثانية، وهي بعنوان (فوق الهضبة) بعد روايته الأولى (عودة طيور القطا)، تقع الرواية المذكورة في إحدى وتسعين ومئة صفحة، وهي من القطع المتوسط، من إصدار دار رسلان للطباعة والنشر والتوزيع العام 2007.

تنحو رواية «فوق الهضبة» المنحى الكلاسيكي التقليدي في أسلوب كتابتها معتمدة على الخطاب المباشر والتقريري وعلى الحكائية، أخذة طريق الخمسينيات والأربعينيات في كتابتها، علماً أن الرواية السورية تطورت تطورا فنياً وتقنياً وعالياً في أسلوب كتابتها وصلت فيها إلى مصاف ومستوى العالمية.
أكثر أفعال الرواية مضارعة وهذا شيء جيد، فالمضارعة زمن آني أي أن ما يحدث يحدث الآن، والفعل المضارع يبعد الرواية عن الحكائية قليلاً بمعنى (أن ذلك حدث في زمن غابر) والكتابة بالمضارع فنياً كتابة حداثية لا بأس بها، ولكن الذي لا يكمل هذه الحداثة هو التعليل، والشرح الزائد والتعليق أحياناً فهذا يثبط من همة المضارعة إذ لا تأخذ طريقها تماماً.
تخلو الرواية تماماً من الحوارات الداخلية، والتي هي أهم من الحوارات الخارجية، فالحوار الداخلي حوار ذاتي، حوار يستدعي التذكر والتداعي والاستنكار، ومنه نقرأ الوضع النفسي للشخصيات الروائية ونستنتج قضايا لا يمكننا متابعتها دونه.
بلغت شخصيات الرواية التي نحن بصددها أربع وعشرين شخصية روائية، وهي شخصيات رئيسية وثانوية وهامشية.. ولقد أدى كل منها عمله بشكل لا بأس به، ولم نلاحظ في العمل الشخصيات زائدة عن العمل، فحتى الشخصيات الهامشية كان لها لزوم ولو أنها ظهرت لمرة واحدة أو أكثر، وقد كانت كل الشخصيات في صلب العمل.
أما في القضايا الأسلوبية فهناك قضية سلبية كبيرة تأتي في الأعمال الروائية التقليدية ألا وهي قضية الوعظ والإرشاد فلو ابتعد عنها الروائي لجنب روايته هذا الصنف الأدبي، فالروائي حين يعظ القراء ويرشدهم يفترض فيهم الجهل ويفترض في نفسه العلم، على كل فأسلوب الوعظ في أي عمل أدبي ينزل من قيمة هذا العمل.. وقد ورد الوعظ في الرواية بشكل كثير، وفي أكثر من صفحة. والقضية الأسلوبية السلبية الثانية هي قضية التقرير، أي الحديث وتقرير أشياء معروفة للقارئ، لك فيما ذكر أعلاه، والتقريرية أيضاً أسلوب ممج ينقص من قيمة العمل الأدبي، وكذلك الخطابية المنتشرة في أكثر من صفحة في الرواية خاصة في الصفحتين 22 ـ 23 وأيضاً في ص 29 وهي تؤدي إلى الانتقاض من قيمتها.
خاتمة الرواية مغلقة ولو أن الروائي تركها مفتوحة لكان ذلك أقرب إلى الحداثة وإلى التقنية الأفضل، فالخاتمة المغلقة لا تترك للقارئ إمكانية للمشاركة في تخمينها.
فوق الهضبة رواية اجتماعية قدمت لنا حالات إنسانية هامة وعرفتنا أموراً من صميم حياتنا، نرجو للروائي وليد أبو فخر إتحافنا بعمل ثالث يبتعد فيه عن المثالب التي بيناها.