ماذا تقول ياصاحبي؟! لا يأس مع الحياة..

■■ أتعرف يا صاحبي أنني خلال العيد المنصرم ـ كما في كل الأعياد ـ توجهت لزيارة أكبر عدد ممكن من الأهل والأصدقاء والمعارف.. وهذه بالنسبة لي فرصة لا يتيحها إلا العيد.. وحسب العيد أن يزهو بميزته هذه..

■ عن أي عيد تتحدث؟! وهل فيما نعيشه ما يمكن أن نسميه عيداً؟! إنني أحس كابوساً على صدري.. وأنفاسي تتقطع.. فكل شيء اعتراه التشوه وصبغه الهم والألم، وتفشت على صفحته أدران الفساد.. نفق مظلم ولا بصيص ضوء أو بارقة أمل.. اليأس يتمشى في أعصابي ويشل فكري!!!

■■ رويدك يا صاحبي.. عجيب أمرك.. ما أن ذكرت لك العيد حتى عَلَتْ وجهك الكآبة وأخذت تتأفف وتضجر.. لا أحد ينكر أننا نعيش واقعاً شائكاً وصعباً على كل الأصعدة..و هذا الواقع له مسبباته ومكوناته و..

■ فالج لا تعالج.. الواقع مفروض علينا.. ولاقدرة لنا على رد أذاه ودرء آلامه.. إنه أقوى منا ولاحيلة لنا في الأمر.

■■ إني لأعجب كيف يتسرب اليأس إلى نفسك وأنت كما عرفتك تملك عقلاً متفتحاً ودراية وخبرة عمل طويل.؟!

■ وما نفع العقل وقيمة التجربة أمام هذا الكم الرهيب من الكذب  والغش والخداع والنفاق والنهب والرشوة والفساد.. أمام الركض المحموم اللاهث وراء «مكاسب» دون حق أو استحقاق... أمام الاندفاع الفردي.. ربي سألتك نفسي.. حتى بتنا على شفير هاوية لن نقوم منها أبد الدهر!!!

■■ الأمور بمسبباتها.. وعلاجها كامن بعلاج أسبابها.. وهذا يتطلب أول ما يتطلب إعمال العقل والفكر لتحليل الواقع المعاش بكل جوانبه، ومعرفة كيف تكوّن على صورته التي نعيشها.. إن إدراك الحقيقة يستدعي أن نجرد العقل للعمل.. فهو الجوهر الغالي.. ولأنه مبعث الإدراك والوعي لنشق طريق الخلاص، فإن أعداء البشرية والحياة على اختلاف مواقعهم يسعون إلى استلاب عقولنا بأباطيلهم وتضليلهم وإفكهم.. وإن لم يستطيعوا ذلك فهم يجهدون لتعطيل هذه العقول وتعطيلها هو اليأس.. فلا تعطيل للعقل أشد من اليأس والإحباط.. والسؤال الذي يطرح في هذا الصدد: لماذا لا يتسرب اليأس والإحباط إلى نفوس هؤلاء الأعداء وهم ينهبون لقمتنا ويمتصون جهدنا ودمنا.. يسرقون البسمة من وجوهنا.. ويجهدون كي نبقى عبيدا ً أرقاء في خدمتهم؟!! ولماذا يصيبنا ـ نحن معشر الفقراء ـ اليأس والإحباط.. واليأس هو الاستسلام والموت... ومن حق من يصنعون الحياة أن يحيوا.. فماذا تقول يا صاحبي؟!!

■ محمد علي طه

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.