«الظلم» في التراث العربي
قيل: لما ظلم احمد بن طولون قبل أن يعدل، استغاث الناس من ظلمه، وتوجهوا إلى السيدة نفيسة (بنت الحسن بن يزيد بن الحسن بن علي) يشكون إليها، فقالت لهم: متى يركب، قالوا: في غد، فكتبت رقعة وقفت بها في طريقه وقالت: يا أحمد يا بن طولون، فلما رآها عرفها، فترجل عن فرسه وأخذ منها الرقعة وقرأها فإذا فيها:
(ملكتم فأسرتم ، وقدتم فقهرتم، وخولتم فعسفتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نافذة غير مخطئة لاسيما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون، وجوروا فانا إلى الله مستجيرون، واظلموا فانا بالله متظلمون «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» .
_ وروي أن كسرى أنوشروان كان له معلم حسن التأديب يعلمه حتى فاق في العلوم، فضربه المعلم يوماً من غير ذنب، فأوجعه، فحقد أنوشروان عليه، فلما ولي الملك قال للمعلم : ماحملك على ضربي يوم كذا وكذا ظلماً؟؟ فقال له : لما رأيتك ترغب في العلم رجوت لك الملك بعد أبيك فأحببت أن أذيقك طعم الظلم لئلا تظلم.
قال محمد بن سويد وزير المأمون :
فلا تأمنن الدهر حرّا ظلمته
فما ليل حرّ إن ظلمت بنائم
وفيما رواه أنس، قال: بينما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب(رض) قاعد إذ جاءه رجل من أهل مصر فقال: يا أمير المؤمنين هذا مقام العائذ بك فقال عمر(رض)
لقد عذت بمجير فما شأنك؟؟ فقال : سابقت بفرسي ابناً لعمرو بن العاص (وهو يوم إذ أمير على مصر) فجعل يضربني بسوطه ويقول: أتسبقني و أنا ابن الأكرمين فبلغ ذلك عمرو أباه فخشي أن آتيك فحبسني في السجن، فانفلت منه، فهذا الحين أتيتك،
فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص : إذا أتاك كتابي هذا فاشهد الموسم أنت وولدك فلان، وقال للمصري: أقم حتى يأتيك فأقام حتى قدم عمرو وشهد موسم الحج، فلما قضى عمر الحج وهو قاعد مع الناس، وعمرو بن العاص وابنه إلى جانبه، قام المصري فرمى إليه عمر بن الخطاب بالدرة، وأمره بضربه وهو يقول : اضرب ابن الأكرمين، فقال المصري : قد استوفيت واشتفيت، قال : ضعها على ضلع عمرو، فقال يا أمير المؤمنين لقد ضربت الذي ضربني، قال : أما والله لو فعلت ما منعك أحد حتى تكون أنت الذي تنزع ثم أقبل على عمرو بن العاص وقال : يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
■ الشيخ الشيوعي هشام الباكير