ماذا تقول يا صاحبي إشكالية أم معضلة؟!

● حديثي معك ـ اليوم ـ يا صاحبي عن أمر غريب عجيب، عن أمر ليس له إلا أحد تفسيرين لاثالث لهما، إما أن الطبل  والزمر في دوما والعرس في روما، وإما أن «انتو . . . فين والـ . . . فين»!!

- أولاً ماغريب إلا الشيطان، ثانياً لقد أثرت فضولي، فما الأمر الذي تراه غريباً عجيباً، حدثني بما لديك فأنا من المستمعين . . . والمناقشين!!

● الغريب العجيب هو تلك التصرفات المستهجنة التي مازالت موضع  التفعيل والممارسة على الرغم من دقة الظرف الراهن، ومايحمله من مخاطر جدية داهمة، أيقظت الجميع حتى أهل الكهف، لكنها لم تفلح في إيقاظ من بيدهم الحل والربط، وهذا مايثير ويقلق ويخيف ويطرح الأسئلة الكبيرة.

- ماتتحدث عنه من تصرفات ومواقف يفتح باباً واسعاً للكلام وللحوار يسهل الدخول إليه، ويصعب الخروج منه إلا بقلق أكبر وأعظم، وعلى قدر فهمي واستيعابي فالتصرفات المستهجنة عديدة ومتنوعة، منها مايخص أفراداً من المجتمع، ومنها مايخص الأفراد في المجتمع، ومنها ما يخص الأفراد والمجتمع، بل الوطن و المصير!!

● ليكن حديثنا عن النوع الأخير، أي مايخص الحاضر والمستقبل، الواقع والمصير، فهو الأساس في كل تقدم أو تراجع، في كل نجاح أو إخفاق، أو في كل تعبئة حقيقية جدية أو في كل  إحباط وقهر وتهميش.

- افتح باب الحديث وهات ماعندك.

● الصفحة الأولى عنوانها «العقلية الوصائية» وتحت هذا العنوان يندرج العديد من البنود والفقرات، وفي زعمي أن أبرزها هو تصنيف الناس في مجموعات ثلاث، أو بكلمة أدق ـ رغم أنها تركية ـ ومازالت تستخدم في دوائر سجل الأحوال المدنية ـ والكلمة هي «خانات» والخانات الثلاث هي:

ـ خانة المسؤولين أولي الأمر والنعمة.

ـ خانة السواد الأعظم من الناس، أي المواطنين.

ـ خانة جهات الوصل والاتصال بين الخانتين السابقتين.

- أراك قد باشرت باستخدام لغة المنظرين، أي لغة الحكومة والمخططين «من التخطيط» دعني من ذلك ولنتحدث مباشرة عن المواطنين عن السواد الأعظم . . عن شعبنا، فهو الأهم والأغلى والأثمن، وصدق من قال: إن الإنسان . . الناس . . . البشر هم اغلى مافي الوجود، ولنتكلم عن التصرفات المستهجنة التي تمس حياتهم.

● نعم . . . وأول هذه التصرفات وهي كما أسلفت شأنها شأن كل التصرفات المستهجنة نتاج وإفرازات العقلية الوصائية المتحجرة التي مازالت تمارس دورها المقيت على الرغم من أن هناك من «يعتقد» ويقول إنها ولت وانقضت وصارت من ذكريات الماضي الراحل غير المأسوف عليه!!

-  في الحقيقة والواقع، مارحل هو سعادة الناس وشعورهم بهدوء البال والاطمئنان، مارحل هو ضحكات أطفالهم، وطيب طعامهم، ودفء عيشهم، مارحل هو إحساسهم بكونهم ناساً بشراً، يحق لهم العيش الحر الكريم الشريف الآمن!!

- أجل . .  . أجل. . . وأنا «أبصم» لك بالعشرة على كل ماقلته وسوف أركز على آخر كلمة وردت على لسانك، وهي كلمة «الآمن» فهي بيت القصيد فيما أود الحديث عنه. إن الآمن هو الإنسان الذي يعيش في ظل الأمن ويشعر بالطمأنينة وهدوء البال وهناءة المشاعر، أي الإنسان الذي يحيا وكرامته محفوظة ومصانة ومدافع عنها بأجهزة الأمن، فلا أحد يتطاول على حياته وعيشه وعمله أو يخوض في تفاصيل خصوصياته ويرصد مايجول في خاطره، ويحاسبه على تفكيره، و لا أحد يتجرأ على قهره وإذلاله أو إرعابه  وغرس الخوف في أوصاله لإحباطه ومن ثم تهميشه ليصبح بلا إرادة أو رأي أداة طيعة في أيدي من يحركها. واسمح لي يا صاحبي أن أقول أن ماتعرفه أنت ويعرفه الناس جميعاً: إن المواطن «العادي» الشريف البسيط الساعي وراء لقمة عيش أسرته وأطفاله لايخاف إلا من أجهزة «الأمن» بينما الناس في معظم أصقاع الدنيا لايخافون ولايقلقون لمعرفتهم ولشعورهم أن أجهزة الأمن عندهم هي العين الساهرة على أمنهم وعلى درء الخوف والقلق عن نفوسهم. وهنا تكمن  الإشكالية.. بل المعضلة  هذا مايقوله الناسُ.. وأنت ماذا تقول يا صاحبي؟!

 

■ محمد علي طه