هل نستطيع إنقاذ أيام رفيق أتاسي السينمائية؟
تأسست في مدينة حمص على مدى أربع سنوات تظاهرة فنية سينمائية راقية، أعادت الجمهور المتعطش لسينما نظيفة وجميلة إلى الصالات بعدما استبعده خلو حمص من صالة لمؤسسة السينما حوالي عشر سنوات بداعي (إعادة التأهيل)، ثم مرور عامين على افتتاحها (صالة الكندي) دون أن تقدم ما أنشئت من أجله بل اقتصر نشاطها على تقديم عروض هوليودية، والاستفادة من مسرحها في المهرجانات الخطابية والاجتماعات الفلاحية و .. و.. الخ.
وإن قدمت بعض الأفلام الجيدة التي تأتي كغيث لا يروي ظمآن في صحراء قاحلة، أما الصالات الأخرى فقد بقي في مدينة حمص صالتان للسينما تتفوقان أحياناً على صالة الكندي في عرض أفلام هوليودية وتقدمان في أحيان أخرى عروضاً سينمائية نرفع القبعات احتراماً لها على هذا الاختيار .
أيام رفيق أتاسي السينمائية التي أسستها أسرته شكلت تظاهرة سينمائية جديرة بالمتابعة والدعم، لا المحاربة والتهميش بسبب العقلية البيروقراطية المتحكمة بأذهان حتى مبدعينا، هذه العقلية لمستها بنفسي من خلال المتابعة الميدانية مع بعض رموز الثقافة بمدينتنا حين تحدثت معهم عن ضرورة دعم تظاهرة رفيق أتاسي السينمائية وعدم الوقوف متفرجين على محاولات وأدها من المؤسسة العامة للسينما عبر منع الأفلام السينمائية عنها، فهذا أحد كتاب القصة القصيرة والمسلسلات التلفزيونية المبدعين بحمص أحدثه عن هذا الموضوع فيتركني مسرعاً للركوب مع صديقه بسيارته كي يوصله لمنزله دون إيلاء أي اهتمام لكلامي، وآخرٌ ناشطٌ من نشطاء حقوق الإنسان تكلم عن تضخم ظاهرة رفيق أتاسي وكفاهم أهله أربع سنوات.
أحد أعضاء مجلس إدارة نادي السينما قرر رفع الراية البيضاء والاستسلام لأن التلفزيون قتل السينما ولم يعد هناك سينما .. الخ، ويرى آخر أن هذه الأفلام حديثة وقد كلفت المؤسسة العامة للسينما أموالاً طائلة ولهم الحق بعرضها في دور العرض كي يستردوا ما دفعوه ....
مصيبة كبرى إن كانت النخبة الثقافية بهذا البلد تمتلك هذه العقلية المتعجرفة، عقلية التقوقع على الذات والتحصن ببروجهم العاجية، ورمي الآخرين بسهامهم .
بصراحة أنا لا يهمني شخص رفيق أتاسي بحد ذاته، وليس لي علاقة شخصية تربطني بأسرته، ولم أعرفه إلا من خلال شاشة التلفزيون، ما يهمني هو المبادرة الجميلة واللفتة الرائعة من أسرته لهذه المدينة التي احتضنت أولى إبداعاته بتأسيس هذه التظاهرة السينمائية في وقت عدمت صالات السينما بحمص، وحين وصلت التظاهرة لعامها الخامس نحاول قتلها كما قتلنا الكثير الكثير من أنشطتنا الثقافية الفنية التي أسست للقب امتازت به مدينة حمص وهو لقب (عاصمة الثقافة)، فإذا كانت دمشق هي عاصمة الأمويين والعاصمة السياسية، وحلب العاصمة الصناعية التجارية، واللاذقية عروس الشاطئ، فإن حمص بالتأكيد لا زالت وسنقاتل جاهدين لتظل (عاصمة الثقافة).
عار على مبدعي حمص أن نكون أنانيين في حبنا لذاتنا، وعار على مؤسسة السينما أن تقتل تظاهرة سينمائية جميلة أصبحت في عامها الخامس.