ماذا تقول يا صاحبي ـ الخطوط  الحمر ـ

■ أصدقك القول: إنني عندما باشرت بقراءة زاويتك الأخيرة في العدد الماضي والمعنونة «موسوعة اللصوص»، تراءى لي أنني  ـ لابد ـ قارئ مقالة تتناول اللصوص الذين سرقوا ويسرقون، بل نهبوا وينهبون مال الشعب وثروات البلاد، تعريهم وتفضحهم، وإذا بك تعيدنا بالذاكرة إلى الماضي البعيد الحافل بالأحداث المرة والحلوة، تلك الأحداث التي رصدها ودونها أدبنا العربي الثري بكل أنواعه وألوانه.

- أراك راغباً في الحديث عن لصوص اليوم، على الرغم من  أن أحاديثهم ، أعني الحديث عنهم دائر على كل شفة ولسان، وأن أخبارهم «بصغيرها وكبيرها»، تأخذ حيزاً واسعاً في كلام المواطنين في كل مكان، إلى جانب كلامهم عما يجابه وطننا الغالي من مؤامرات ودسائس وأخطار جدية داهمة.

■ نعم . . . هذا ماأرغب  في أن نتحدث عنه بكل وضوح وصراحة دون تورية أو عموميات أو استجبان.

- جميل قولك هذا والطريف فيه عبارة «استجبان».

■ ومن أين جاءت طرافته، إنني جاد فيما  أقول، لاأمزح ولا أتندر.

- طرافته جاءت من أنك ـ لاشك ـ تتوهم أن خوفاً يتحكم بنا فيحول بيننا وبين الإفصاح عما نريد بجلاء ودقة. وتظن أن «الاستجبان» ينأى بنا عن التعبير عن قناعاتنا ووجهات نظرنا بصريح العبارة وصادق القول، وتحسب أننا نتجنب ذكر الناهبين بأسمائهم الصريحة.

■ وهل تجرؤون على ذكر أسمائهم، أنا متأكد أن الخطوط الحمر قد لجمت كتاباتكم، ولهذا تتحاشون «وجع الرأس» والسؤال والجواب وتكتفون بتكرار أحاديث عافها الناس وملوها لأنها لاتقدم شيئاً على أرض الواقع، ولاتؤدي إلى عمل ملموس يساعد في تبديل وتغيير وتحسين حياة الناس  ومعيشتهم، عمل يفضي إلى محاسبة اللصوص الفاسدين والمفسدين.

- أقدر دوافعك وأفهم غيرتك وحرصك على قول حقيقة ما تشعر به، ولاأستغرب انفعالك، ولكن اسمح لي أن أصحح بعض «معلوماتك» بعيداً عن الانفعال والعاطفة في نقاط ثلاث: الأولى: مسألة التكرار . . . إن تكرار حديث أو وجهة نظر محددة يمليه الواقع المعاش والظرف الراهن بموضوع الحديث وسيظل ذلك مجال المناقشة و التأكيد طالما بقي الوضع على حاله إلى أن تستجد أمور فتواكبها عندئذ كتاباتنا متطورة بتطورها.

الثانية: ليس المطلوب تعدد أسماء، فأسماء الكثيرين أضحت معروفة للقاصي والداني، وكل «أصحاب» النعمة الحديثة تشير إليهم مراكزهم وقصورهم ومزارعهم وشركاتهم، تدل عليهم روائحهم. وليس باستطاعة المرء جرد جميع أسماء الحيتان وأسمالك القرش سواء الطافين على وجه الماء أو الغائصين في العمق. والمطلوب هو تسليط الضوء على مكونات النهب ومسببات الفساد ورصد تجلياتها وفضح آلياتها وبذلك يمهد السبيل أمام النضال والعمل الملموس لوقف النهب مع السعي في الوقت ذاته لمحاسبة الناهبين والفاسدين.

الثالثة: مسألة الخطوط الحمر، أنت تفهمها وكما جاء في كلامك أنها الخطوط التي يرتئيها ويحددها «الرقيب»، وهذه الخطوط بهذا المفهوم لم تكن ولن تكون الحائل بيننا وبين قول مانعتقد أنه صواب، ولذلك فإننا نعبر عما نؤمن به بكل الوضوح والمسؤولية أمام شعبنا ووطننا دون مواربة أو لف ودوران، وليس لنا لسانان، بل لسان واحد لموقف واحد يجسد قناعاتنا. أما الخطوط الحمر التي لانتجاوزها فهي المصداقية والموقف المسؤول وساحة النضال دفاعاً عن وطننا ولقمة شعبنا، عن كرامة الوطن و المواطن. فماذا تقول يا صاحبي؟!

 

■ محمد علي طه