أضواء خافتة قليلاً
تولد الطرفة من قلب الأزمة، تحاول تلوينها بغير ألوانها القاتمة، وتفتح طريقاً صعباً إلى ابتسامة هاربة من غول الاحتمالات المخيفة.. تضحك الشوارع قليلاً على غير شهية.. ويعود التوجس ليبسط أجنحته الرمادية..
مسحراتي الأزمة..
يسير المسحراتي أبو ياسين في الزقاق نفسه الذي ما يزال يسير فيه منذ نصف قرن ليوقظ الناس على السحور، لكن لا ينادي «يا نايم وحّد الدايم»، كما اعتاد أن ينادي في رمضانات كثيرة سابقة.. النداء هذه الأيام: «الله أكبر.. الله أكبر».. وأحياناً ينادي بصوت أقل جرأة: «الله أكبر.. حرية» وخاصة حين يتغلغل في الزواريب الضيقة..
سأله أحدهم: «شو أبو ياسين.. كأنك مغير النغمة هالسنة»؟ فأجابه بخبث: «حلو التغيير, من شو بيشكي»؟!!
واحد واحد واحد!!
يقف «أبو حجلة» أشهر سائق ميكرو سرفيس على خط حرستا في الكراجات، وحين يصل دور رحلته ينادي: «حرستا.. حرستا.. قرّب عالسخن.. عضرّاب السخن.. لحّق قبل ما تروح عليك المظاهرة!!».. وحين يتبقى كرسي واحدة يسارع للهتاف: «واحد واحد واحد!! باقي كرسي واحد»!!
القابون.. والغابون.. وكوبا!
لطالما تندر الطالب الجامعي خالد على سكنه في حي القابون، الذي كان يسميه الغابون في إشارة إلى إحدى دول إفريقيا المتخلفة، ولكن بعد تصاعد الاحتجاجات في هذا الحي إلى مستوى نتج عنه سيلان دم غزير.. أصبح خالد يسمي القابون كوبا الجديدة!!..