«أورنينا» توقد الشموع.. فتضيء الظلام في ثقافي موحسن
في سابقة تستحق «التقدير والإشادة» تجولت مسرحية «نور الشمعة» في الأرياف «الديرية».. وقدمت عروضها في ثقافي الميادين والبصيرة وموحسن.. ولا يخفى على أحد أهمية وفوائد هذه العروض.
هذه السابقة المسرحية أتت في إطار مهرجان الربيع للأطفال الذي أقيم مؤخراً برعاية وزارة الثقافة..
في المركز الثقافي في مدينة موحسن ذات التاريخ العريق في مقاومة الظلم والعدوان منذ أيام الاستعمار الفرنسي إلى أيام الإقطاع، يأتي مضمون هذه المسرحية منسجماً مع هذا التاريخ.. وهو أيضاً تاريخ شعبنا السوري الذي مازال يقاوم كل المخططات الاستعمارية الحديثة.. وقوى الفساد والنهب الداخلي، حيث تتمحور خلاصات المسرحية حول فكرتين رئيسيتين: تؤكد الأولى أن من يملك الإرادة قادر على تحقيق أهدافه مهما طال الزمن.. ومهما كان حجم التضحيات، أما الثانية فتركز على المصالحة بين أفراد المجتمع على أساس إعادة الحقوق لأصحابها. والفكرتان نحن بحاجة لهما خاصة في هذه الأيام العصيبة، فامتلاك إرادة المقاومة من جهة، وتقوية الجبهة الداخلية عبر الوحدة الوطنية من جهة ثانية.. ضروريتان لتحقيق الانتصار، لذلك يمكن اعتبار أن المسرحية تأتي في إطار «ثقافة المقاومة».
وبالإضافة للأفكار الأساسية، حملت المسرحية أفكاراً أخرى، كأهمية دور الفن الموسيقي الذي رمز له بأورنينا مغنية «ماري» ودور الفن التشكيلي، في مواجهة الفن الهابط والارتقاء بالذائقة العامة للناس.
في المستوى الفني اعتمدت المسرحية على الديكور البسيط، العنصر الأبرز فيه هو الشموع وماكينة الخياطة. الشموع ترمز للعلم والنور والإرادة، وماكينة الخياطة كرمز للعمل المنتج.. وليس عمل السمسرة والنهب.
جسد الشخصيات مبدعون متفاعلون مع أحداث المسرحية، حتى أننا لمحنا الدموع تفطر من عيون بعضهم وهم يعبرون عن المعاناة والظلم، وشع فيها بريق السعادة وهي تعبر عن الفرح والفوز والانتصار.
مسرحية نور الشمعة أنارت لنا جزءاً مهماً من ظلام ثقافتنا المسرحية الذي يترافق مع انقطاع الكهرباء المستمر.. والتي انقطعت في المركز الثقافي بعد انتهاء العمل المسرحي بدقائق.
كل الشكر لمعد ومخرج وبطل المسرحية «مهند الموح» الذي قدم لنا مسرحية متميزة فكرياً وفنياً، وكل الشكر للممثلين الذين أدوا وتفاعلوا فأبدعوا وأثروا فنياً، وللباحث والفنان سعيد حمزة الذي أتحفنا موسيقياً بأغانيه التراثية والوطنية وموسيقاه التصويرية،
ولثقافي موحسن ولمديره على كرم الضيافة.
وثمة تقدير خاص لمدير الثقافة (الجديد) في دير الزور عبد القادر السلامة لمرافقته ومتابعته الفرقة والعمل من مكان إلى مكان.. ونرجو ألا تخبو همته ويستمر في تطوير عمله، وهنا نوجه دعوة لبعض مسؤولينا للنزول من أبراجهم وصومعاتهم إلى أرض الواقع والعمل الميداني..
أما الذي نقف له باحترام فهو جمهور موحسن صغاراً وكباراً الذي ملأ المركز الثقافي.. حيث لم تتسع المقاعد للجميع فاضطر قسم كبير منهم للجلوس على الدرج.. وقد عبّر هذا الجمهور عن توقه للمسرح بتفاعله وتجاوبه مع أحداث المسرحية ومع الأغاني التراثية والوطنية المرافقة لها.. على مدى يومين.
ولا بد من التأكيد في الختام على ضرورة تبادل عروض المسرحيات بين المحافظات، أو على الأقل بين محافظات المنطقة الشرقية شبه المعزولة عن النشاطات والفعاليات الثقافية التي تتركز في العاصمة وبعض المحافظات.