الصهاينة يسعون لسرقة الأهرامات!!

لم ييأس صهاينة الكيان المؤقت الذين يحتلون فلسطين من الاستمرار في محاولة اختلاق ما من شأنه تأكيد مزاعمهم بحقهم التاريخي في (أرض الميعاد) وما يحيط بها من بقاع تمتد وفق هلوساتهم من الفرات إلى النيل..
فقد خرجت صحيفة هاآرتس الصهيونية مطلع الأسبوع الماضي وعلى صدر صفحتها الأولى العنوان التضليلي التالي: «اللغة العبرية ولدت في قلب الهرم»!

وذهبت الصحيفة وهي تعرض الخبر إلى التأكيد أن نصاً مصرياً مبهماً مكتوباًَ على جدران أحد الأهرامات بالرسم الهيروغليفي ويبلغ عمره خمسة آلاف عام، قد بات مؤكداً وبعد أربع سنوات من البحث والتدقيق وفك الرموز المستعصية بأنه كتب بلغة سبقت الكنعانية، وهي بالتأكيد (حسب ادعاء الصحيفة) تلك التي تفرعت منها العبرية، والدليل أنه يحتوي كلمات موجودة في التوراة!!
أما من وصل إلى هذا الاكتشاف «العبقري»، فهو البروفيسور الصهيوني «رئوبين شتاينر»، وهو كما عرّفت عنه الصحيفة «خبير في اللغات القديمة ومدرس في أكاديميات الولايات المتحدة»، وقد عرض هذه النتيجة الأسبوع الماضي في محاضرة ألقاها في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة.
ويدّعي الباحث الصهيوني أن النقش المذكور، وهو عبارة عن كلمات سحرية وتعويذات تتلى للثعابين من أجل إبعادها عن جثمان الملك المحنط، وُضع في الهرم في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، ولكن من المحتمل أن كتابته كانت سابقة على هذا التاريخ، وتمت بالتحديد بين القرنين الثلاثين والخامس والعشرين قبل الميلاد.
كما زعم « شتاينر» أن هذا النص الذي أكد بعض الباحثين أن لا وجود له أصلاً، قد تم اكتشافه قبل مائة عام عندما حفر علماء الآثار قبر الملك «أونس» واكتشفوا كتابات باللغة الهيروغليفية على جدران بعض حجراته في أسفل قاعدة الهرم، تحيط بمومياء الملك المسجى، وأن علماء المصريات نجحوا في فهم وتفسير أغلب كلمات النقش سوى بعض الأجزاء التي ظلت غير مفهومة..
إن أكثر ما يثير الاستغراب، بل وحتى الاشمئزاز في هذه القضية وغيرها، أن لا نسمع أي صوت رسمي ثقافي أو سياسي مصري تدب فيه الحمية والغيرة على ثقافة وحضارة بلاده فيبادر إلى تفنيد مثل هذه الادعاءات الصهيونية التي كثرت في الآونة الأخيرة، محاولة إيهام بل وإقناع العالم بأهمية الدور اليهودي في الحضارة المصرية القديمة، فيما لا يفوت هؤلاء المسؤولون المتصهينون أنفسهم أي فرصة مناسبة أو غير مناسبة في الفعاليات والمهرجانات الثقافية العربية للإصرار والتأكيد على (تميزهم) و(خصوصيتهم) وشدة (اختلافهم) عن محيطهم العربي والإفراط في إظهار (مصريتهم) وكأن لا علاقة لهم بثقافة المنطقة وحضارتها..
إن الحضارة المصرية القديمة هي ابنة وشقيقة وربما أم لحضارة الشرق العظيم بأسره، وهي تتناغم وتتكامل معها في كل مظاهرها ومضامينها المدنية، العلمية والعقائدية والعمرانية واللغوية، وقد بناها ورسخ جذورها الشعب المصري، عامته قبل خاصته، وفقراؤه قبل أغنيائه، عبر آلاف السنين، وهذا ما يؤكده الماضي البعيد والقريب، وتدعمه وتؤكده تباعاً الأركيولوجيا الحديثة والمكتشفات الأثرية في عموم المنطقة، وخصوصاً في مصر والشام والجزيرة العربية، وبالتالي لن يستطيع أحد من حملة الأبواق الصهيونية مهما كان يمتلك من قدرة على التزوير، والتأثير على وسائل الإعلام، من اختلاق وتكريس أية أوهام حول هويتها، لا بنسبها لغير أصحابها الحقيقيين، ولا بدفعها نحو الانعزالية..