مختارات مقدمة في علم نفس الضباب
غريبٌ كم يبدو المكان كمصيدة أحياناً. لسببٍ غامضٍ وجدتُ نفسي أقضي جلَّ وقتي في سياتل، متردداً بين أمكنةٍ ثلاثة: سينماتيك «الوهم العظيم»، وحانة «القمر الأزرق»، ومقهى «المخرج الأخير».
جذبتني أسماء هذه الأمكنة، جذبني أكثر اسم «القمر الأزرق» اللون تحديداً جذبني. قيل الأزرق مضادٌ للهياج الجنسي ـ كنت ثوراً جنسياً ـ وقيل مهدئٌ للأعصاب ـ وكنتُ على حافة الجنون والعصبية إرثي، أبي مشهور بعصبيته ـ.
قلت: اللهو جذبني. تعتقد الطائفة الصوفية النقشبندية أنَّ في الإنسان عدة أنفس، ولكل نفس هالة أو ضوء خاص بها. الأزرق لون «النفس الأمارة بالسوء» (نفسي كانت تأمرني ليس فقط بالسوء، بل حتى بالجريمة، وكنت أخشى من أن تنفصم شخصيتي وتقوم إحدى الشخصيتين باقتراف جريمة، لا تعرف عنها الشخصية الأخرى) أما الأحمر فلون النفس «الملهمة»، والأبيض لون النفس «المطمئنة»، والأخضر لون النفس «الراضية»، والأسود لون «المرضية» (أرضاها الله) أما الأصفر فلون النفس «اللوامة».
لكن لكل نفس، في رأيي، ألوانها الخاصة، يقولون في بوذية «التبت» إنّ الأزرق هو لون طاقة الخلق فينا، لون أول كائن فاض عن طبيعتنا الأولى، التي لا لون ولا هيئة لها.
■ حسين البرغوثي
«الضوء الأزرق»