مختارات عاصفة من الكتّان

منذ خمسة آلاف سنة، قام الفراعنة الذين علّمتهم إيزيس نسج الكتان، وقدّموا هداياهم لها على شكل تماثيل صغيرة، شعورها من ألياف القنب للآلهة هاتور، قاموا بحياكة أشرعة مراكبهم التي أبحرت في النيل من الكتّان. أشرعة الحياة، ونسّاجه في مصر من الأقباط ـ على ما روى جدي لأبي ـ شفيعهم مرقص الذي بشّر شعب مصر..

 وكان الأقباط يخافون بريق مدينة الإسكندرية، ويخشون استعبادهم في مصانعها الإمبراطورية، ولأنهم لم يتبعوا الكنيسة البيزنطية ويخضعوا لها، أقاموا في الأطراف المنسية من أرض مصر واجدين في النسيج، في الغزل والفتل والكدن استقلالهم ومقاومةً سلميّة عززوها في تسلّق جبال الصعيد مثل شفعائهم مار أنطونيوس ومارباكوم.. كانوا لشدة انكبابهم وإتقانهم يخرج كتّانهم خفيفاً جداً، وخيطه رخواًَ، وقد يدخلون الصّوف على حواشيه لإثقاله ولتطريزه في الوقت نفسه..
ألم يقل حزقيال: ويكون لك كتّان مصر الرقيق المشغول أغطية وأردية؟

هدى بركات

(حارث المياه)