ربّما! حول احتفالية دمشق
كلنا، وبالمقدار ذاته، معنيون بالأمر، لأنها فرصة ثقافتنا للوقوف على قدمين صلبتين، وبشيء من تعلية لسقف الأمل، هي فرصة العمل على نهوض ثقافي.
القادمون من البلدان، الشقيقة والصديقة، لن يعودوا، حين يعودون ليقولوا: (في بيت حنان قصاب حسن) ولا (في الأمانة العامة). ما سوف يقولونه: (في دمشق) و (في سورية)... وهاتان للجميع. فليقدم من لديه مقترحات مشروعة، ومن ثم فليكتب كيف تم التعامل مع المشروع، أفضل وأجدى من أن يظل ينوح ويندب من الثقافة. امنحوا الآخرين الفرصة الكافية ليعملوا، كي يمنحونكم، فيما بعد، أن تعانقوهم أو أن تطلقوا عليهم النار.
التاجر ليس أكثر مصداقية من المثقف. هذا ما يترنم به الجميع. لكن مبادرة أحدهم قلبت المعادلة، حين نشر أحدهم إعلاناً طرقياً يرحب، باسم دمشق، بضيوفها، وفي زاوية الدعاية وضع لوغو شركته التجاري. هذا المثال سيحذو حذوه تجار آخرون من أصحاب الشركات والمال، ولن يكون بمستطاع أحد إلا أن يقول غير أن هذا الشخص فعل ما يمكن فعله، بما يفيده ويفيد المدينة، وربما سيقدم أكثر بحيث يرعى فعاليات معينة. أما المثقف فقاعد يتفرج بانتظار (فشلهم)، وساعتها فقط يقوم ليبيح الدماء.
الأنكى أن تطلع صفحات متخصصة بالاحتفالية، وكالعادة دوماً، ما إن يدق الكوز بالجرة حتى تبدأ بالصدور، لتحدثنا في مطولات عملاقة عن المهن والحارات والأبواب والشبابيك والأعلام.... وجل طموح أصحابها أن يسجلوا استكتابات، علماً أن القراء ليسوا بالجهلة ليعلموهم، ويعاملوهم بهذا الاستخفاف. فالزمن الطويل الذي قضيناه تحت رعاية وإشراف التلفزيون المحلي أفهمنا دروساً نموذجية، بوسائل إيضاح، عن صناعة النحاس في المناخلية، والمطرزات الشرقية في الحميدية، ومحاصيل الغوطة الغنّاء.. على العكس من هذه المواد الجامدة والمنقولة من الأرشيف ومواقع الإنترنت.
ثم إنها ليست احتفالية للماضي العريق، يا جماعة... انسوا «باب الحارة» قليلاً، وتعالوا ننظر في شؤون الحاضر والراهن، والمعاصر... دمشق ليست دمشق القديمة وحسب. هل نسيتم دمشق الجديدة ودمشق العشوائيات؟ هذه كلها دمشق، لكن تذكروا جيداً، أن الاحتفاليات التي من هذا النوع قد تناوبتها مدن عربية عديدة لأنها عواصم تلك الدول، أي أنها المراكز الحضارية والاقتصادية والثقافية، والحياتية عموماً، فصنعاء اختيرت لأنها عاصمة اليمن، ومسقط لأنها عاصمة عمان... هذا يعني أن سورية كلها تحضر في دمشق، فدمشق بهذا المعنى صورة مكبرة لسورية، وهذا يقودنا إلى أن مدننا جميعها: حمص وحماة وحلب والحسكة والدير ... ستكون ممثلة عبر العاصمة السورية.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.