«صح النوم» بوصفها رسالة عتاب
يأتي الشتاء على دمشق هذا العام وفيه غصات كثيرة وتنهدات فلاحية حزينة، ولكن مجيء السيدة فيروز إلى دمشق يعيد إلى الأذهان ويسترجع ذكريات أعوام خلت ولحظات حميمية دافئة، تركت بصماتها على صفحات تاريخ دمشق المعاصر، كان يحلو اللقاء بها أواخر الصيف آن الكرم يعتصر.
ولكن دمشق التي ستكون عاصمة للثقافة العربية لعام 2008 ستقص شريط الافتتاح بهذه الاحتفالية بلقاء طال انتظاره حتى أعيا الشوق المحبين، في أيام الشتاء هذه المرة سيكون هنالك آلاف السوريين ينتظرون فيروز في دمشق التي تعود إليها بعد عقدين ونيف من الزمن لتقول في رسالة ذات دلالات عديدة عميقة «صح النوم».
ولئن كانت علاقة دمشق مع فيروز هي علاقة التاريخ والدفء والمحبة منذ أن انطلقت مع الأخوين رحباني لتشدو بأغانيها الخالدة من إذاعة دمشق، إلى ليالي معرض دمشق الدولي على ضفاف بردى حيث كان اللقاء يتجدد عاماً إثر عام، لتختزن ذاكرة المدينة وأهلها أجمل اللحظات وأمتع الأوقات ولتترسخ في وجدان السوريين أناشيد الحب والأرض والوطن التي مازال صداها يتردد في جنبات مسرح معرض دمشق الدولي، وفي كل حنايا وثنايا دمشق عاصمة التاريخ، ولأن دمشق وفيروز علاقة حب سرمدي لا ينقطع، احتضنها التاريخ في بصرى الشام مرة أخرى، في ليلة أسطورية، رتلت وغنت فيها للإنسان والأرض، ولكل العشاق الأحباء ولكل الثوار والكادحين ولدمشق الشام ولبيوتها وحاراتها القديمة.
واليوم، وروابي الجولان وشعابه مازالت رافعة الجبين رغم أنف المحتلين تعلن أن الطريق هي المقاومة إلى تحرير الأرض والإنسان، تعود فيروز إلى دمشق لتقدم مسرحيتها «صح النوم».
ألن تطرح علينا تساؤلاً هاماً هو لمن تقول فيروز «صح النوم»؟ هل تقول ساخرة «صح النوم» في هذا الزمن العربي الرديء الذي طال ليله؟! أم تقولها لكل المتوانين المتخاذلين المستسلمين الذين تخلوا عن قضاياهم وقنعوا أن ما يحدث اليوم هو نهاية التاريخ، أم أن «صح النوم» هي رسالة عتاب لنا نحن السوريين الذين تأخرنا عن لقاء فيروز وعن دعوتها كل هذه السنين!!