ربّما! ساخرون لا يُضحكون أحداً
تحفل الصحافة السورية بنوع من الكتابة السمجة، تحت يافطة مريبة هي السخرية، مع أنها تسبب الاكتئاب نظراً لطبيعة المواضيع والمعالجات التي تطرحها أقلام ثقيلة الظلّ، وتديرها أرواح تدعو إلى الموت ضجراً.
«ساخرون لا يضحكون أحداً» هكذا وصفهم الصحافي السوري المتميز سلمان عز الدين، ويومها فتحوا عليه حرباً، لم تطل كثيراً، لكنّ الزناخات التي قدموها تشعرك أنها حرب المائة عام.
في الحقيقة، هي سخرية تثير السخرية، فأن يكتب مهضوم منهم«الرواويون» على أساس التهكم من كلمة الروائيين، وأن يقول آخر «أسعدني شخصياً ونقدياً» ثم يتبعها بعبارة «لا أقصد النقود بالطبع»، لضرورات تتعلق بالسخافة، لا بالكوميديا، وأن يعلّق ثالث على أزمة المسرح بتعبير «المرْسح».. لفي هذا كله من الغلاظة ما يكفي ليسبب جلطة دماغية للقارئ.
سخرية متكلّفة وممجوجة، ذات مفعول عكسي تماماً ، فبالإضافة لما تسببه من أذى للمزاج، تعمل على تسخيف القضايا المطروحة، وجعلها مجرّد ثرثرة وحكي فارغ.
المثير للأسى والأشجان حقاً أن الصحافة السورية كانت، في الأيام السالفة، مثالاً يحتذى في مهنة الكتابة الساخرة، فكانت هناك جريدة «الكلب» وسواها.. كما ظهرت تجارب أدبية متخصصة في هذا الفنّ وأجادت فيه عن الإجادة، وأظنّ مثال حسيب كيالي، ليس الوحيد، لكنّه كافٍ.
ومن ينسى كتابات محمد الماغوط وزكريا تامر في زاوية «عزف منفرد» التي تناوبا على كتابتها في صحيفة تشرين، أو ما استمرا يكتبانه، كل على حدّة، في مجلتي «الوسط» و«الدوحة»، ولم تتوقف الصحافة الساخرة عند هذا الحد، فقد توالت ولادات المواهب النوعية في هذا المجال.
أما ما يقدم اليوم على أنه كتابة ساخرة فهو مجرد بياخات صبيانية.
■ رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.