ربّما! شعراء شباب
إنهم يولدون، صحيحٌ أنهم مشرذمون ومبعثرون، مما يعني، تالياً، كم هم في عزلة صقيعية، لكن الصحيح أيضاً تأكيدهم الدامغ أن الشعر، هذا الكائن المنهوب والمنبوذ، مايزال حياً، ويجد ألف طريقة وطريقة للعيش السعيد، نعم.. العيش السعيد!
ما يهم فيهم أنهم لا يركنون لمواصفات قياسية ينبغي أن تتوفر، كما يوقن أعداء الجديد، ليكون ما يكتبونه شعراً أو لا شعر. ما يهمهم عدم التوقف عن التجريب والاختبار، مع تبدل وتغيير وانقلاب على الدوام، بالتوازي مع ما يحصل في تدريب المخيلة والحواس والأفكار، دونما تسليم بما قرّ واستقر بحكم الأقدمية.
يذهبون إلى كتابة قصيدة شخصية، تضع إنسانية صاحبها في المقدمة، قبل مسائل اللغة وبنية الشكل الفني وتقنيات الكتابة، على ما لهذه الأقانيم من أهمية، فهم يريدون قول أنفسهم، والكشف عنها، بمنطق العصر ونعته، وإن شاكسوه حيناً، أو تآلفوا معه في أحايين أخرى.
في نصوصهم زعرنة بلاغية، وشغب مديني، ودفء إنساني يرصد تحولات المجتمع الأخيرة في إشارات وتلميحات. هكذا تنفتح القصيدة على الصورة لتجد من يرمي إلى جعل الشعر متصلاً بتأثيرات الفيديو الكليب والإعلانات، أو من يجري عمليات مونتاج تؤفلم أحوال شاعرها، أو من يفتت سيرته رملاً سردياً يروي الغياب والألم. ومن ناحية الثراء القاموسي فحدّث ولا حرج، سوف تجد الكثير من مفردات الطبّ حاضرة في قصيدة الطبيب، وكذلك سيقوم المتخصص بالرياضيات باستحضار الأرقام والرموز والأشكال الهندسية ليبث فيها الروح، وعبر استمرار مثل هذا التوجه سيتحرك ركود اللغة، لتتخلص من أسن المعاجم.
مثل هذه الزمرة المتصعلكة في أزقة الشعر وشوارعه الخلفية، مثلها كان الشعراء الحقيقيون طوال التاريخ.