بسام كوسا: الشباب الجدد يحطمون ثقافة الرموز الراسخة
يتمتع الفنان السوري بسام كوسا (مواليد حلب) برصيد جماهيري كبير لكونه عمل على تقديم ذلك النوع من الشخصيات التي يصعب تجسيدها.ولذلك فالكثيرون يعتبرونه فنان سورية الأول.. إضافة إلى ذلك فهو رسام ونحات وفنان تشكيلي وكاتب قصص قصيرة ومقالات ثقافية. من أعماله التلفزيونية: «باب الحارة»، «الانتظار»، «سيرة آل الجلالي»، «أحلام كبيرة»، «الخوالي».. أما في السينما فقد قدم أعمالاً هامةً في الذاكرة السينمائية السورية :«نسيم الروح»، «الكومبارس»، «تراب الغرباء».
• عايشت الدراما السورية في مختلف مراحلها... ما الخلاصات التي أوصلتك إليها التجربة؟ وما انطباعك العام عن الدراما السورية؟
مرّتْ الدّراما السورية بمراحل عديدة، وخطها البياني لم يكن مستقراً. لكنها استطاعت أن تحتل مواقع متقدمة كأداة تعبير، خصوصاً مع تطور وسائل الاتصال التي كان لها الفضل في انتشارها، وكذلك تعدد الفضائيات الذي مكنها من إيصال رسائل للمجتمعات الأخرى، سواء مجتمعاتنا العربية هنا، أو العربية في الخارج، كما استطاعت أن توصل رسائل سياحية و سياسية، بالإضافة إلى الرسالة الاجتماعية .
• يربط البعض تراجع حضورك على الشاشة الصغيرة بصعود عدد من الفنانين الشباب، الذين بدؤوا يحتلون مكان الفنانين المخضرمين والقدماء ، ما رأيك بهذا؟
فليكن.. أنا سعيد جداً بهذه الظاهرة، فهي تعبير حقيقي عن حالة صحية بدأت ملامحها تظهر في وسط الفنانين، إذ أن في هذا الشيء تحطيماً لثقافة الرموز الراسخة.
ومن جهة أخرى أنا أفخر بكل الشباب الجدد من الفنانين الذين بدؤوا ينالون الحظوة عند المشاهد لما يتمتعون به من كفاءات عالية وإصرار على التنافس وتقديم الأفضل.
• ما تقييمك لنتاج كتَّاب الدراما عندنا، خاصة وأن الكاتب يشكل الحلقة الأولى في إنتاج العمل وإظهاره للناس؟ وأي الكتَّاب قدّم لك شخصية مكتملة؟
بعيداً عن ذكر الأسماء.. جميعهم جيدون، وأنا لا أقبل العمل حين يكون نصه غير جيد، ولكن أتساءل: لم لا يستعين كتاب الدراما في سورية بروايات عربية أو عالمية ويشتغلون عليها، فالرواية تفتح آفاقاً ومضامين جديدة.
• ماذا يقدم لك الدور على الصعيد الإنساني؟
كل الأدوار التي لعبتها تقدم لي غنى معرفياً مهما كانت تلك الأدوار وأيا كانت أوضاعها. بعض الشخصيات ذات عقلية إصلاحية موجودة عند الكثير من الناس، وبعضها الآخر ببنى عقلية مركزة ومركبة أيضاً.
في كل شخصية ألعبها أقدم وجهات نظر، قد أتفق مع الأفكار التي تطرحها وقد لا أتبناها فكرياً، ولكن أهمية كل الشخصيات أنها تعطي أجوبة عن أسئلة قد يطرحها الإنسان على نفسه بالشكل العادي والطبيعي. أحياناً تكون عندك أسئلة لا تجد لها أجوبة، ربما تجد لها أرباع أو أنصاف حلول.
ومعرفة النماذج الإنسانية التي تؤديها عن طريق الفن والدراما، تسهل الصعوبات وتخفف من هذه الأسئلة التي تقض مضجع الإنسان.
• درست في كلية الفنون الجميلة ـ قسم النحت.. ما الذي قادك إلى التمثيل إذاً؟
أنا أعمل في المسرح من أيام دراستي في كلية الفنون، على مسرح الجامعة، وبالتالي لم أكن بعيداً عن جو التمثيل فكان انتقالي إلى التمثيل تعبيراً عن رغبة حقيقية، وحب جارف، وبكل سهولة أيضاً.. كما أن فن النحت أفادني كثيراً في تكوين شخصياتي، فكل الفنون بالنهاية تتداخل بشكل أو بآخر.
• إلى أية درجة يمكن للفنان أن يكون إنساناً فاعلاً في السياسة وموجهاً فيها من موقعه؟
أنا لا أحب التعاطي بالسياسة، وبعيداً كل البعد عن الشعارات والمانشيتات العريضة، فليس بالضرورة أن أتبوأ مركزاً سياسياً حتى أستطيع التوجيه أو إبداء رأيي في أي موضوع كان، فأثناء تقديم أي دور هناك حتماً رسالة تحمل هماً سياسياً ووطنياً، فمثلاً عندما تتحدث عن الفقر تتحدث سياسة، وعندما تتحدث عن الازدحام في السكن وفي الشارع تتحدث سياسة وعن الفساد الإداري. كل هذه الأمور تعني المواطن، وتلامس همومه، فليس بالضرورة أن أكون في مركز سلطة حتى أستطيع ان أقول كلمتي.. فنّي هو سلطتي!
• ما رأيك بموضوع توريث المهنة كما فعل الكثير من الفنانين؟ وهل تسمح لأحد أبنائك بامتهان التمثيل إذا كان موهوباً؟
أنا ضد هذه الظاهرة تماماً، وجميعهم أثبتوا فشلهم الذريع إلا القلّة القليلة النادرة، فالموهبة لا تورث، وبالنسبة لامتهان أحد أبنائي التمثيل لن ينجح حتى لو كان موهوباً، لأنه سيعتمد على اسمي أولا وأخيراً، وفي النهاية لم يستطع أي فنان أن يخرج من تحت جناح والده ويكوّن جناحاً لنفسه بالأهمية نفسها إلا زياد الرحباني، هذا العبقري الذي لن يتكرر. ففي كل 50 عاماً يولد عبقري في مجال من المجالات، وزياد الرحباني هو هذا العبقري في مجال الموسيقى منذ الثمانينات.
• ماذا عن مشكلتك مع المؤسسة العامة للسينما.. وهل هي شخصية ؟
لم تكن المشكلة شخصية، ولكن الأستاذ محمد الأحمد هو من حولها لشخصية عندما رفض إنتاج فيلم لي مدته 10 دقائق يمكن لأية جهة إنتاجه دون مبررات، وهو بالنهاية لم يقدم شيئاً يذكر للمؤسسة حتى الآن.