قصائد حب من ماريتشيكو
للشاعر الأمريكي: كينيث ركسروث
ترجمة: جولان حاجي
ملاحظة المؤلف:
ماريتشيكو هو الاسمُ المستعار لشابة معاصرة تعيش بالقرب من معبد ماريتشي-بن في كيوتو. إلهةُ الفجر ماريتشي-بن إلهةٌ هندية ما قبل آرية، و بودهيستافا في البوذية، و راعيةُ فتيات الغيشا و العاهرات و العاشقات والنساء في المخاض؛ و هي- في مقامٍ آخر-واحدةٌ من آلهات الساموراي. معدودةٌ هي معابدها و مزاراتها و حتى تماثيلها في اليابان، لكنّ حضورها ماثلٌ في تماثيل الخنازير البرية التي تجرُّ عربتها، و هذه التماثيل منصوبة في الطرقات العامة على غرار السفينكسات. ماريتشي-بن ذات رؤوس ثلاثة: الوجه الأمامي طافحٌ بالحنو و الشفقة؛ والجانبيُّ وجهُ خنزيرة برية؛ و الثالثُ وجه امرأة منتشية بالجنس. إنها إلهة شعبية معروفة، برغم احتجابها عن الأنظار، في تاشيغاوا و شينغون. و كمثل شاكتي، شعاعِ النور؛ أو براينا، سلطةِ فاريوكانا أو حكمته( و هو بوذا الأول، داينيتشي نيوراي)؛ فإنها تجلس مغمورةً بنعمة الحب الجسدي في حضنِ ميوجو-نجمِ الصبح.
كينيث ركسروث( 1905-1982): شاعر و ناقد ومترجم أمريكي. ولد في إنديانا، و نشأ في شيكاغو حيث علّم نفسه بنفسه بعد طرده من المدرسة الثانوية، متردداً على الصالونات و النوادي الأدبية و المكتبات العامة. زاول مهناً تنوّعتْ بين مصانع الصودا و نوادي الملاكمة و الصحافة، و أمضى عامين في السجن بتهمة اشتراكه في إدارة أحد المواخير. سافر كثيراً عبر أرجاء أمريكا و أوروبا و الشرق الأقصى. انضمّ إلى الحزب الشيوعي الأمريكي مناصراً لجون ريد، و مراسلاً عدداً من الشعراء اليساريين البارزين كجورج أوبن و لويس زوكوفسكي، محاولاً مثلهم أن يخلّص الشعر من نبرته الوجدانية الانطباعية. تأثر بالسريالية في بداياته، كما أولى اهتماماً خاصاً بكتابات المتصوف الألماني جاكوب بوهم. كانت معارضته شديدة للحرب العالمية الثانية و انخراط الولايات المتحدة فيها، و خلالها مارس البوذية و التاوية، و عمل ممرضاً ميدانياً في مجال الطب النفسي، و صادق المدافعين عن البيئة والجمعيات المناهضة للحرب و المطالبين بالحقوق المدنية. أواخر الأربعينيات، أسس صالوناً لمناقشة الفلسفة و الشعر تردّدَ عليه شعراء جيل البيتس الذين عاشرهم و روّجَ لكتاباتهم مثل غاري شنايدر و ألن غينسبرغ و لورنس فيرلينيتي، و استمر كأبٍ روحي خلال الخمسينات يعرض قصائدهم المصحوبة بموسيقا الجاز في برامج إذاعية عديدة، كما كتب آنذاك قصيدة عن موت الشاعر الويلزي ديلان توماس لاقت رواجاً كبيراً، إلى جانب ديوانيه الشهيرين: «السلحفاة و الفينيق»، « التنين و وحيد القرن». ترجم إلى الإنكليزية بيير ريفردي و الكثير من الشعر الصيني القديم.
-1-
أجلسُ إلى طاولتي.
ما عساي أكتبُ إليك؟
مريضةً بالحب،
أتوقُ لرؤيةِ جسدك.
ما بوسعي كتابتهُ ليس إلا:
« أحبك. أحبك. أحبك.»
الحبُّ يمزّقُ قلبي
و ينهشُ أعضائي.
رعشاتُ التوق تخنقني
و لا تكفُّ عن خنقي.
-2-
إذا ظننتُ أن بوسعي التسلُّلُ
كي أجيءَ إليك
فستكونُ عشرةُ آلاف ميل ميلاً واحداً.
لكننا في المدينةِ نفسها
و لا أجرؤُ أن أراك،
و إنّ ميلاً واحداً لأطولُ من مليون ميل.
-3-
آه، يا لوجعِ هذه اللقاءات السرية
في عزّ الليل،
أنتظرُ و بابُ الشوجي مفتوح.
متأخراً تأتي، فأرى ظلّك
يتحرّكُ بين الأوراق
في أقصى الحديقة.
نتعانقُ- خفيةً عن عائلتي.
أبكي و وجهي بين يدي.
تبتلُّ أكمامي.
نمارسُ الحبّ، و بغتةً
يلوّحُ السادن
بالفانوسِ و الأجراس.
يا لوقاحةِ ظهورهم
في مثلِ هذه اللحظة.
متبرّمةً بأشباحهم،
أهذرُ بالترهات
و لا أستطيعُ أن أتوقّف
عن الثرثرة
بكلماتٍ لا رابطَ بينها.
-4-
تسألني عما كنتُ أفكّرُ به
قبل أن نمسي، أنا و أنت، عاشقين.
الجوابُ سهل.
قبل أن ألتقي بك،
لم يكنْ لديّ ما أفكّرُ به.
-5-
لا أحدَ سوانا
في بيتنا الصغير،
بعيداً عن الناس،
بعيداً عن العالم،
لا شيءَ سوى هسيس الماء فوق الحجر.
ثم أقولُ لك،
« أنصتْ. اسمعِ الريحَ تعبرُ بين الأشجار».
-6-
أنت توقظني.
تباعدُ فخذيّ، و تقبّلني.
أمنحُك ندى
أولِ صباحاتِ العالم.
-7-
الصقيعُ يكسو قصبَ المستنقع.
ضبابٌ ناعم يهبُّ عبره،
مخشخشاً الأوراقَ الطويلة.
قلبي المفعمُ يفيضُ خفقانهُ بالنعمى.
-8-
تعالَ إليّ، مثلما تجيءُ خفيفاً
إلى سريرِ الجمر المتورّد
في موقدي
متوهّجاً عبر الغابةِ المسكونة بالليل.