وجه عادل عبد الله: حياتي عقد إيجار

لو كانت فيروز تعيش في دمشق لما انتظرت منه أن يموت كي تغني كما غنت من قبل «رفيقي صبحي الجيز»، أغلب الظنّ أنها كانت ستغنيه في حياته، وفي شارعه، وأمام بسطته في شارع العابد: «رفيقي عادل عبد الله»!!

وعادل، الموصوف بـ«أشهر بائع صحف في دمشق»، شخص يكاد يكون غنياً عن التعريف، مثله مثل الشارع والمدرسة، لأن من لم يحادثه قد رآه بالتأكيد ، أو مرَّ به، أو حتى قرأ عنه في جريدة ما.

المرور ببسطة عادل طقس يومي، ليس لشراء الجرائد وحسب، بل لقياس نبض الشارع لهذا اليوم، فالرجل ترمومتر حقيقي، وجريدة من لحم ودم.

ابتسامته قناع، فعلى الرغم من محافظته عليها، بالمجالدة، لحوالي سبع وخمسين سنة، لا يتوانى عن نكء الجراح بالسخرية، من كل شيء، وعلى كل شيء، فالسخرية باتت طريقته الوحيدة للاستمرار في حياته على مفارق الطرق. وحين يأتي وقت النوم، لا تأتيه أحلام، كل ما هنالك هو الخوف، والخوف فقط، فالحلم تحوّل عنده إلى قلق يخص مصائب الغد. ولعل عادل لا تعوزه بلاغة في وصف حالته: «الخوف في داخلك يجعلك ميّتاً».

أب لكوم من الأطفال، في بيت مستأجر، وبسطة صحف مستأجرة.. هكذا سيقول، بعدما كان يتحدّث عن حاجة أطفاله إلى سراويل داخلية جديدة: «يبدو أن حياتي هي عقد إيجار.. ». ثم يضيف ساخراً: «عقد إيجار من المهد إلى اللحد!!».

هذا الرجل الذي يصف نفسه بـ«أنا الضائع في وطني»، لا يتوانى عن شكر قدره لأن من حوله أناس مثله، يعينهم ويعينوه على: «ضفرِ جديلة العمر من جديد».