مجلة الدوحة تفتح ملف جائزة نوبل: تساؤلات كثيرة عن «جائزة من دماء العبيد»

خصصت مجلة «الدوحة» في عددها الأخير (باب قضية العدد) لمساءلة جائزة نوبل للآداب، أفقا وتوقعات ومرجعية.

وقد شارك عدد من الكتاب والباحثين في إضاءة تاريخ ومستقبل هذه الجائزة، ومكانة الإبداع العربي فيها، فكتب الكاتب اللبناني جورج طراد: «استأثرت جائزة نوبل منذ تأسيسها بالأضواء، لأن الماكينة الإعلامية العالمية تواكبها بتشويق يتزايد عاماً بعد عام، والذين يتعاطون الشأن الثقافي العربي شعراً ورواية على وجه الخصوص، يدركون جيدا أبعاد الحملات المرافقة لكل موسم من مواسم نوبل. وأبرز تلك الحملات ما يمكن وصفه بأنه مؤثرات صوتية، كانت تتجلى في اتصالات يتلقاها مثقفون «فاعلون»، تقترح عليهم ترشيح اسم أو أكثر من العرب يرونه مؤهلا لدخول جنّة نوبل. وكلنا يذكر المشادات والعداوات التي كانت تترافق مع هذه الطقوس وتنجم عنها.

فلو كنا فعلا زاهدين في تركة العم نوبل فلماذا كل هذه الفرقعة التي لم يأخذ بها أحد من القيّمين على الجائزة الأكثر شهرة في العالم؟»

أما الروائي المصري يوسف القعيد فاستهل مقاله بفوز الروائي المصري نجيب محفوظ بالجائزة، ليعالج بعد ذلك جملةً مما اسماه «خطايا»، ليكتب عمن يستحقها من المبدعين العرب، فكتب: «لقد جاءت نوبل لنجيب محفوظ سنة 1988 قبل أن ينقضي القرن العشرون بـ 12 سنة، لكن كان هناك قبله من يستحقونها ولم يحصلوا عليها... كان يستحقها عن جدارة أمير الشعراء: أحمد شوقي، يمكن القول هنا أن شعر شوقي لم يترجم في حياته، وهي لا تمنح لكاتب ميت أبداً، ولكن ماذا يمكن القول عن طه حسين؟ وقد ترجم أندريه جيد أعماله إلى اللغة الفرنسية مبكراً جداً؟ وكان يستحقها عباس محمود العقاد، الذي لم يترجم كثيراً في حياته، وإن قيل عنهما أن الجانب الفكري في كتاباتهما أكثر من الإبداعي، فماذا يمكن القول عن توفيق الحكيم؟ مؤسس المسرح العربي، والمبدع الأساسي الذي ترجمت أعماله الأدبية، بشكل مبكر جداً إلى لغات العالم بما فيها السويدية».

وعن بصمة السياسة في اختيارات القائمين على الجائزة، كتب المترجم الفلسطيني صالح علماني: «إذا كانت بصمات السياسة تظهر بوضوح في جائزة الآداب، فإنها تكون سافرة في جائزة السلام، فرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، صاحب التاريخ الاستعماري الطويل، أربك الأكاديمية السويدية التي أرادت منحه جائزتها، غير أن سيرته كوزير مستعمرات لم تسمح لها بمنحه جائزة السلام، ولكنها وجدت المخرج في منحه جائزة نوبل للآداب! أجل، ونستون تشرشل حصل على جائزة الأدب!!»

أما الناقد العراقي عبد الله إبراهيم فألقى الضوء على جماليات الكتابة عند نجيب محفوظ، ومرجعيتها النفسية: «حضر الأب في معظم أعمال محفوظ، بوصفه حارسا للقيم المثالية الكبرى، وبما انه قد تعذر على محفوظ حضور حفل تكريمه في ستوكهولم، فقد أرسل خطابا تدفقت منه مفاهيم الأبوة والبنوة. تحدث عن زواج حضارتين شكلتا أبوته الحقيقية، واعترف بأنه نتاج لتلاقحهما، فهو ابن سردي لذلك المزيج المبهر. قال «أنا ابن حضارتين تزوجتا في عصرين من عصور التاريخ زواجا موفقا، أولاهما عمرها سبعة آلاف سنة، وهي الفرعونية. وثانيتهما، يا سادة، عمرها ألف وأربعمائة سنة، وهي الحضارة الإسلامية» وقد ترحل محفوظ في تضاعيف هذه الهوية، وأعاد تمثيلها في مسيرة روائية طويلة.