ربمـا صديقنا يوسا
يتفرد الروائي البيروفي ماريو بارغاس يوسا، من بين جميع رواة العالم، بأنه الكاتب الأكثر لعباً وتجريباً، والأكثر اجتراحاً للتقنيات
ففي كل نص جديد، ثمة جملة اختراعات في السرد، وتقطيع الزمن، والنقلات... إلخ، يبرهن من خلالها أن الرواية معجزة، لا يصلها إلا الألعبان المكّار، وعلى القارئ أن يعد الصفحات بالأنفاس والرجفان واللهاث.
في أعماله المجونية «امتداح الخالة» و«دفاتر دون ريغو بيرتو» و«شيطنات الطفلة الخبيثة» يظهر يوسا كواحد من فئة المتوحشين، أولئك الذين تتوثب في شرايينهم نمور وذئاب، مثله مثل بول غوغان الذي أعاد تأليفه على كيفه في «الفردوس على الناصية الأخرى».. في رواياته هذي ينتمي صاحب «السمكة في الماء» إلى أدب الشهوة، لكنه يفترق عن تراث الأيروتيكية العظيم الذي يقوم على مزاوجة بين اللغة والأطعمة والتوابل، عبر جعله الفن التشكيلي المثير الحسي الأول بلا منازع، مزيلاً المسافة الفاصلة بين الكتابة والرسم، لتصير اللوحات الفنية فصولاً روائية، وتصير اللغة ألواناً وأشكالاً وكتلاً، والرواية ككل مرسماً، لأنه يدرك في العمق أن ما نحتاجه نحن البشر هو أن نكون عراة.
خبرته الطويلة في مجال كتابة الرواية قادته إلى وضع شهادة حرفية، بشكل مختلف عن عمل النقاد، وذلك في «رسائل إلى روائي شاب» الذي ينطلق من صميم التجربة وحدوسها، ليخلص إلى صرخة فحواها «لا يمكن لأحد أن يعلم أحداً الإبداع».