وإنما القصيدة ما وقّعه الشعراء في كل زمان

يبقى الشعر الفن الأكثر التصاقاً بالكائن الإنساني، يبقى كذلك وإن ابتعد عن حياتنا المهدورة في مطحنة الاستهلاك.. فهما متماثلان في المصير.

‏لذا يكفينا للاحتفال بمرور «يوم الشعر العالميّ» أن نحتفل بالشعر نفسه، بهذه القصيدة الطويلة التي تناوب الشعراء كلهم على توقيعها بأسمائهم، وكل عمر مهدور فيها ليس سوى مقطع.. فلنحتفل به إذاً، كما لو كان صديقاً في عيد ميلاده..

ـ ضعْ منديلك الأبيض على الرصيف

واجلسْ إلى جانبي تحت هذا المطر الحنون

لأبوح لك بسر خطير

اصرفْ أدلاءك ومرشديك

والقِ إلى الوحل.. إلى النار

بكل ما كتبت من حواش وانطباعات

إن أيّ فلاح عجوز

يروي لك.. بيتين من العتابا

كل تاريخ الشرق

وهو يدرج لفافته أمام خيمته.

محمد الماغوط

ـ زحلوا نحو الماء

منحدرين من جبالهم ظلالاً ناعمة

لئلا يوقظوا العشب

وديع سعادة 

ـ نتسلق أعالي الحب

ونفتح الباب للإنسان، للنور، للنبات، للحشرة

وربما علينا اتباع

نداء الحقيقة

بين الرؤية السحيقة للوتس

وراهن قرننا.

سه راب سبهري

مَنْ أنا ؟

كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ

والوحي حظُّ الوحيدين

إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ

على رُقْعَةٍ من ظلامْ

تشعُّ ، وقد لا تشعُّ

فيهوي الكلامْ

كريش علي الرملِ

لا دَوْرَ لي في القصيدة

غيرُ امتثالي لإيقاعها:

حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً

وحَدْساً يُنَزِّلُ معنى

وغيبوبة في صدى الكلمات

وصورة نفسي التي انتقلت

من أَنايَ إلى غيرها.

محمود درويش 

هذا العالَم نشيّدهُ،

فينهارُ،

 ثم نشيّدهُ ثانيةً،

فننهارُ نحنُ.

راينر ماريا ريلكه 

- قلت لها:

هل تعلمين يا جدتي

 أن ثلثي جسد الإنسان ماء؟

 أجابت: لا بل

ثلثاه دموع.

منذر مصري 

حين أموت سأستمر بسماع ارتجافة فستانكِ في الريح

أحدهم قرأ هذه الأبيات سأل:

(كيف ذلك؟

أي ستسمع؟

 أي ارتجافة؟

أي فستان؟

 أي ريح؟)

قلت له أن يصمت

أن يجلس إلى طاولتي

أن يشرب نبيذي

 أن يكتب هذه الأبيات:

 حين أموت سأستمر بسماع ارتجافة فستانك في الريح..

خوان جيلمان 

ضعي زرافة في إناء

سمكة في حديقة

ضعي عصفوراً ووحيد قرن

في قفص واحد

وصدّقي

أنهما سيتحابان

لأنكِ تريدين ذلك

بالعناد الذي يجعلك تحسبين النوم

عطلة زائفة

بسام حجار 

إن الكلمة لتبدو فرضا عليّ الآن..

بلى.. إنه لفرض أن أتكلم..

ملايين من الذكريات تلح علي..

بل.. أكثر من ملايين

إني أدفع عن عطر الأزهار الذي ينتظر مني أن أبدعه.

ولكني فريسة اليأس في طائرتي اللعينة.

ليس للحب حدود.

سيظل الحب أكبر وأغنى.. مهما أحببنا..

إني أمضغ فكرتي كقطعة من الخشب

وحلمي؟ .. يا للمقبرة الضخمة ترافق الليل!

يجب أن نقتل الليل..

يجب أن نقتله..

لتنبثق الحياة من ورائه ..

مالك حداد 

يا حمارُ،

يا جدالَ الكسلِ المربكِ، تلفتْ بعينيك الناعستين إلينا، وأطبقهُما، فإنكَ لن تظفر

برؤىً مثلنا قط؛ رؤىً تمضي على زحافةٍ تجرُّها ديكةُ الثلجِ، يا حمارُ، يا شظايا كأسٍ

ارتخت يدُ النديم عليها فهوتْ في الفراغِ مائة عامٍ قبل أن تتشظى، إضربْ بحافركَ،

اضرب بأذنيكَ، اضرب بالكسل المُربكِ هذه اليقظةَ السارحةَ تحت خوذاتنا، واغفُ،

فقد أغفى الوقتُ ـ ترجُمانُك الغاضبُ.

وديعٌ أنتَ ، وتغرورق عيناك.

سليم بركات 

هذا زمان الشعراء الصغار مقبلٌ. مع السلامة يا ويتمان، ويا ديكنسن، ويا فروست. ومرحبا بكم يا من لن تتردد أسماؤكم خارج نطاق أسركم الصغيرة، اللهم إلا إذا تجاوزته إلى واحد أو اثنين من أقرب الأصدقاء الذين يتجمعون بعد العشاء على إبريق نبيذ أحمر قوي... بينما الأولاد ينعسون متذمرين من الضوضاء التي تحدثها وأنت تنبش في الخزانات باحثا عن قصائدك القديمة، خائفا أن تكون زوجتك رمتها مع مخلفات الربيع الماضي.

تشالرز سيميك

آخر تعديل على الإثنين, 01 آب/أغسطس 2016 13:06