بقعة الضوء التي صارت بقع ظلام
عندما وضع الليث حجو أساسات منجزه الفني «بقعة ضوء» لم يهدف من خلال هذا المنتج أن يقدم الحياة الاجتماعية من مبدأ الكاريكاتير، بقدر ما أراد تلخيص العبر في الحياة العامة بطريقة الكوميديا،
التي غالباً ما تبدو سوداء، فالإضحاك من خلال لوحة «بقعة ضوء» لم يكن من خلال نكتة أو حادثة لها قفلة مضحكة، بل من خلال حدث كامل يحمل في مضمونه كوميديا حياتية، ويتم المبالغة في تصوير هذا الحدث بالهيئة الكوميدية، دون أن يكون هنالك بالفعل نكتة لها بداية ونهاية وقفلة وعبرة، فـ«بقعة ضوء» في جزئه الأول والثاني وحتى الرابع قدم الحياة العامة ضمن قصص بسيطة، يسهم أبطالها الكوميديون وحدثها الذي يسير بصورة مضحكة في استخلاص الضحكة من الموقف وطبع الحدث بالكوميديا فهو لا يروي النكتة ولا يقص حادثة مضحكة بل هو كوميديا الحياة التراجيدية، وقد تم توظيف العمل فنياً وحياتياً في هذا المجال ولعب كادر الممثلين المتميز في الأجزاء الأولى دوراً كبيراً في رسالة المسلسل، بالإضافة إلى النصوص العميقة التي كتبت لأجله بحيث بدا ظاهرة جديدة بأسلوب لم يعتد التلفزيون على تقديمه.
ومع مرور السنين وبفقدان العمل لعرابه الأساسي بدأ كل من يمتطي صهوة قيادة هذا العمل يجرب به دون الالتزام بالماهية والبنية التي قام عليها، ليصل في النهاية إلى جزئه السابع لهذا العام بعيداً كل البعد عن الصورة الحقيقية لفكرته، وليصبح عبارة عن نكتة يتم تقديمها في ظل اختفاء النص المستمد من الحياة العامة، فنجد الممثلين يحاولون بكل ما أوتوا من كوميديا تقديم موقف مضحك، ونجد الحدث غير معالج بصورة منهجية، واللوحات قائمة على سرد فكاهي لا أكثر بصورة شاذة تماماً عن المبدأ العام للعمل ومشوهة لتاريخه ووقوفه سابقاً في قمة الأعمال الكوميدية في الدراما السورية دون منازع.
مرت أكثر من خمس عشرة حلقة من المسلسل، أي ما يزيد عن 40 لوحة دون وجود لوحة يظهر عليها العمل والمعالجة وكف القيادة من قبل المخرج والمشرف العام، لتبدو بذلك كل اللوحات عبارة عن مقاطع كوميديا تم تصويرها بعجالة تحكي كل لوحة نكتة ما مستمدة من موقف اجتماعي لا يتناسب مع النكتة التي يتم الإضحاك من خلالها مع التركيز على تكرارية الأفكار ومحاولة علك لوحات قديمة، وإنما بصورة ساذجة فما كان بقعة ضوء ليناقش الفصام بين العرب عن طريق عرض عدد من القادة العرب على طاولة خلاف بصورة ساذجة ومكررة ومباشرة وما كان بحاجة ليقدم أغنية «ناتاليا غوردون» «تشي غيفارا» ليعبر عن موقف وطني لدى شاب متحمس للقضايا العامة، لذا فمن الواجب أن نقول يكفي تجريباً في العناوين العامة فقد أدى «بقعة ضوء» دوره سابقاً ولا داعي لتشويه صورته من جديد.